للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ بُطْلَانُ مَذْهَبِهِم وَصَارَ إِلَى مَذْهَبِ الكُلاَّبِيَّةِ -أَتْبَاعِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيدٍ بْنِ كُلاَّب، وَالَّذِي كَانَ يُثبِتُ سَبْعَ صِفَاتٍ وَيَنْفِي مَا عَدَاهَا (١) -، ثُمَّ إِنَّ اللهَ تَعَالَى مَنَّ عَلَى أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ وَتَرَكَ مَذْهَبَ الكُلاَّبِيَّةِ وَرَجَعَ إِلَى مَذْهَبِ السَّلَفِ وَقَولِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَل .

قَالَ الحَافٍظُ الذَّهَبِيُّ : "عَلِيُّ بنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ: العَلاَّمَةُ؛ إِمَامُ المُتَكَلِّمِين؛ .. وَلَمَّا بَرَعَ فِي مَعْرِفَةِ الاعْتِزَالِ كَرِهَهُ وَتبرَّأَ مِنْهُ، وَصَعِدَ لِلنَّاسِ فتَابَ إِلَى اللهِ تَعَالَى مِنْهُ، ثُمَّ أَخَذَ يَرُدُّ عَلَى المُعْتَزِلَة، وَيَهْتِكُ عِوَارَهُم. قَالَ الفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الصَّيرَفِيُّ: كَانَتِ المُعْتَزِلَةُ قَدْ رَفَعُوا رُؤُوسَهُم؛ حَتَّى نَشَأَ الأَشْعَرِيُّ فَحَجَرَهُم فِي أَقمَاع السِّمْسِمِ.

وَعَنِ ابْنِ البَاقلَانِيِّ قَالَ: أَفْضَلُ أَحْوَالِي أَنْ أَفهَمَ كَلَامَ الأَشْعَرِيِّ.

قُلْتُ: رَأَيتُ لأَبِي الحَسَنَ أَرْبَعَةَ توَالِيفَ فِي الأُصُولِ؛ يَذْكُرُ فِيهَا قوَاعِدَ مَذْهَبِ السَّلَفِ فِي الصِّفَاتِ، وَقَالَ فِيهَا: (تُمَرُّ كَمَا جَاءَتْ). ثُمَّ قَالَ: (وَبِذَلِكَ أَقُولُ، وَبِهِ أَدِينُ، وَلَا تُؤوَّلُ) " (٢).

قُلْتُ: وَلِكنَّ مُدَّعِي اتِّبَاعِهِ بَقَوا عَلَى مَذْهَبِ الكُلَّابيَّةِ! فَغَالِبُهُم لَا يَزَالُونَ عَلَى مَذْهَبِهِ الثَّانِي، وَلِذَلِكَ يُسَمَّونَ بِالأَشْعَرِيَّةِ؛ نِسْبَةً إِلَى الأَشْعَرِيِّ فِي مَذْهَبِهِ الثَّانِي -قَبْلَ انْتِقَالِهِ إِلَى مَذْهَبِ السَّلَفِ-، بَلْ غَالِبُهُم اليَومَ يُنْكِرُونَ أَنَّهُ تَرَكَ مَذْهَبَ الكَلَّابِيَّةِ أَصْلًا!


(١) بِدَعْوَى أَنَّ العَقْلَ لَا يَدُلُّ إِلَا عَلَى سَبْعِ صِفَاتٍ فَقَط! وَهِيَ: العِلْمُ وَالقُدْرَةُ وَالإِرَادَةُ وَالسَّمْعُ وَالبَصَرُ وَالكَلَامُ [النَّفْسِيُّ] وَالحَيَاةُ.
(٢) سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (١٥/ ٨٥).
قُلْتُ: تُوفِيَّ سَنَةَ ٣٢٤ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>