للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُفْقَ مَا اسْتَثْنَاهُ الحَدِيثُ (١).

- قَولُهُ: ((وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيتَهُ)) أَي: سَوَّيتَهُ بِمَا حَولَهُ مِنَ القُبُورِ، أَو جَعَلْتَهُ حَسَنًا عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ الشَّرِيعَةُ، وَلَيسَ المَعْنَى أَنْ تُسَوِّيَهُ بِالأَرْضِ! لِأَنَّ هَذَا خِلَافُ السُّنَّةِ (٢).

- مُنَاسَبَةُ ذِكْرِ القَبْرِ المُشْرِفِ مَعَ الصُّوَرِ أَنَّ كِلَيهِمَا قدْ يُتَّخَذُ وَسِيلَةً إِلَى الشِّرْكِ؛ فَإِنَّ أَصْلَ الشِّرْكِ فِي قَومِ نُوحٍ أَنَّهُم صَوَّرُوا صُوَرَ رِجَالٍ صَالِحِينَ؛ فَلَمَّا طَالَ عَلَيهِمُ الأَمَدُ عَبَدُوهَا! وَكَذَلِكَ القُبُورُ المُشْرِفَةُ قَدْ يَزْدَادُ فِيهَا الغُلُوُّ حَتَّى تُجْعَلَ أَوثَانًا تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ!

- أَبُو الهَيَّاجِ: هُوَ حَيَّانُ بْنُ حُصَينٍ؛ الأَسَدِيُّ الكُوفِيُّ، ثِقَةٌ مِنَ الطَّبَقَةِ الوُسْطَى مِنَ التَّابِعِينَ، (ت ٨٠ هـ).

- حُكْمُ التَصْوِير

هُوَ كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، وَقَدْ يَكُونُ كُفْرًا أَكْبَرَ مُخْرِجًا مِنَ المِلَّةِ، فَهُمَا حَالَتَانِ


(١) كَتَصْوِيرِ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ، وَمَا لَيسَ لَهُ رَوحٌ، وَمَا كَانَ مُمْتَهَنًا -عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ-، وَسَيَأْتِي فِي المُلْحَقِ التَّالِي لِلبَابِ ذِكْرُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(٢) كَمَا فِي البُخَارِيِّ (٢/ ١٠٢): بَابُ مَا جَاءَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ وَأَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ : عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ: (أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ مُسَنَّمًا). وَسُفْيَانُ هَذَا هُوَ مِنْ كِبَارِ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ؛ كَمَا فِي الفَتْحِ (٣/ ٢٥٧).
وَأَيضًا كَمَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ : (أَنَّ النَّبِيَّ الحِدَ لَهُ لَحْدٌ، وَنُصِبَ اللَّبِنُ نَصْبًا، وَرُفِعَ قَبْرُهُ مِنَ الأَرْضِ نَحْوًا مِنْ شِبْرٍ). رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ (٦٦٣٥)، وَالبَيهَقِيُّ فِي الكُبْرَى (٣/ ٥٧٦) وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ. أَحْكَامُ الجَنَائِزِ (ص ١٥٣).
وَفِي التِّرْمِذِيِّ (٢/ ٣٥٨) عَقِبَ حَدِيثِ عَلِيٍّ : ((ولَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيتَهُ)) قَالَ الشَّافِعِيُّ : "أَكْرَهُ أَنْ يُرْفَعَ القَبْرُ إِلَّا بِقَدْرِ مَا نَعْرِفُ أَنَّه قَبْرٌ، لِكَي لَا يُوطَأَ وَلَا يُجْلَسَ عَلَيهِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>