للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُؤُوسَهَا فَاجْعَلُوهَا بِسَاطًا أَو وَسَائِدَ فَاوطَئُوهُ؛ فَإِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيتًا فِيهِ تَمَاثِيلُ) (١).

- فَائِدَة ٤: نَفْسُ التَّصْوِيرِ أَشَدُّ تَحْرِيمًا مِنْ اقْتِنَاءِ الصُورَةِ، وَذَلِكَ لِمَا جَاءَ فِيهِ مِنْ نُصُوصِ الوَعِيدِ (٢).

قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ : "قَالَ أَصْحَابنَا وَغَيرُهُمْ مِنَ العُلَمَاءِ: تَصْوِيرُ صُورَةِ الحَيَوَانِ حَرَامٌ شَدِيدُ التَّحْرِيمِ، وَهُوَ مِنَ الكَبَائِرِ، لِأَنَّهُ مُتَوَعَّدٌ عَلَيهِ بِهَذَا الوَعِيدِ الشَّدِيدِ المَذْكُورِ فِي الأَحَادِيثِ، وَسَوَاءً صَنَعَهُ بِمَا يُمْتَهَنُ أَو بِغَيرِهِ؛ فَصَنْعَتُهُ حَرَامٌ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُضَاهَاةً لِخَلْقِ اللهِ تَعَالَى، وَسَوَاءً مَا كَانَ فِي ثَوبٍ أَو بِسَاطٍ أَو دِرْهَمٍ أَو دِينَارٍ أَو فَلْسٍ أَو إِنَاءٍ أَو حَائِطٍ أَو غَيرهَا.

وَأَمَّا تَصْوِيرُ صُورَةِ الشَّجَرِ وَرِحَالِ الإِبِلِ وَغَيرِ ذَلِكَ مِمَّا لَيسَ فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ؛ فَلَيسَ بِحِرَامٍ، هَذَا حُكْمُ نَفْسِ التَصْوِيرِ.

وَأَمَّا اتِّخَاذُ المُصَوَّرِ فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ؛ فَإِنْ كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى حَائِطٍ أَو ثَوبًا مَلْبُوسًا


(١) صَحِيحٌ. أَحْمَدُ (٨٠٧٩) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. الصَّحِيحَةُ (٣٥٦).
(٢) أَمَّا التَّحْنِيطُ فَلَيسَ فِيهِ مَحْذُورٌ، وَيَجُوزُ اقْتِنَاءُ المُحَنَّطِ وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْ اقْتِنَاءِ الصُّوَرِ.
فِي فَتَاوَى سِلْسِلَةِ الهُدَى وَالنُّورِ -شَرِيط (ب/١٢) - مِنْ فَتَاوَى الشَّيخِ الأَلْبَانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:
"السُؤَالُ: مَا هُوَ حُكْمُ تَحْنِيطِ الحَيَوَانَاتِ كَالأَفْعَى وَغَيرِهَا؟
الجَوَابُ: كَثُرَ السُّؤَالُ عَنْ هَذَا، وَالجَوَابُ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ التَّحْنِيطُ لِلحَيَوَانِ -وَهُوَ حَيٌّ- فَفِيهِ تَعْذِيبٌ؛ فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ المَوتِ؛ فَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا نَعْلَمُ.
السَّائِلُ: وَالمُحَنَّطُ هَلْ يُوضَعُ فِي البَيتِ؟
الشَّيخُ: مَا فِي مَانِع، لِأَنَّ هَذَا لَيسَ صُورَةٌ".
قُلْتُ: وَقَصْدُ الشَّيخِ أَنَّهَا لَيسَتِ الصُّورَةَ الَّتِي صَوَّرَهَا العَبْدُ -وَالَّتِي جَاءَ فِيهَا النَّهْيُ- وَإِنَّمَا هِيَ الصُّورَةُ الَّتِي صَوَّرَهَا الرَّحْمَنُ تَعَالَى. وَاللهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>