للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللهِ)) (١) (٢).

وَمُشْرِكُو قُرَيشٍ جَعَلُوا أَصْنَامَهُم كَذَلِكَ.

كَمَا قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ : "وَقَولُهُ: ﴿وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾ [الأَعْرَاف: ١٩٨]: إِنَّمَا قَالَ: ﴿يَنْظُرُونَ إِلَيكَ﴾ أَي: يُقَابِلُونَكَ بِعُيُونٍ مُصُورَة كَأَنَّهَا نَاظِرَةٌ -وَهِيَ جَمَادٌ-، وَلِهَذَا عَامَلَهُم مُعَامَلَةَ مَنْ يَعْقِلُ لِأَنَّهَا عَلَى صُوَرٍ مُصُورَةٍ كَالإِنْسَانِ، فَقَالَ: ﴿وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيكَ﴾ فَعبَّرَ عَنْهَا بِضَمِيرِ مَنْ يَعْقِلُ" (٣).

٣ - تَشَبُّهٌ بِالمُشْرِكِينَ.

كَمَا فِي الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ عَنْ عَائِشَةَ فِي ذِكْرِ تَصْوِيرِ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى لِصُوَرِ الصَّالِحِينَ فِي كَنَائِسِهِم، وَقَدْ سَبَقَ (٤).

"قَالَ القُرْطُبِيُّ فِي المُفْهِمِ: إِنَّمَا لَمْ تَدْخُلِ المَلَائِكَةُ البَيتَ الَّذِي فِيهِ الصُورَةُ لِأَنَّ مُتَّخِذَهَا قَدْ تَشَبَّهَ بِالكُفَّارِ لِأَنَّهُمْ يَتَّخِذُونَ الصُّوَرَ فِي بُيُوتِهِمْ وَيُعَظِّمُونَهَا؛ فَكَرِهَتِ المَلَائِكَةُ ذَلِكَ فَلَمْ تَدْخُلْ بَيتَهُ هَجْرًا لَهُ لِذَلِكَ" (٥).

وَيَظْهَرُ مِنَ النَّهْي فِي الحَدِيثِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مُحَرَّمًا فِي الأُمَمِ المَاضِيَةِ أَيضًا.


(١) البُخَارِيُّ (٤٣٤).
(٢) قُلْتُ: وَكَثيرٌ مِنْ مُتَصَوِّفَةِ زَمَنِنَا صَوَّرُوا مَشَائِخَهُم بِـ (الكَامِيرَا) لِيَسْتَحْضِرُوا صُوَرَهُمْ فِي الذِّكْرِ المُسَمَّى بِـ (الرَّابِطَةِ الشَّرِيفَةِ)! فَكَانُوا أَبْعَدَ مَا يَكُونُ عَنْ قَولِهِ فِي مَقَامِ الإِحْسَانِ: ((أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ)) فصارت: (كأنك ترى الشيخ)!! وَالحَدِيثُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٨) عَنْ عُمَرَ .
(٣) تَفْسِيرُ ابْنِ كَثِير (٣/ ٥٣٠).
(٤) البُخَارِيُّ (٤٣٤)، وَمُسْلِمٌ (٥٢٨).
(٥) فَتْحُ البَارِي (١٠/ ٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>