للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنْ مَثَّلَ المُشْرِكُونَ بِالمُسْلِمِينَ، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ حَدِيثُ العُرَنِيِّينَ (١).

وَهَذَا يَكُونُ مِنْ بَابِ المُعَاقَبَةِ بِالمِثْلِ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى قُوَّةٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿الشَّهْرُ الحَرَامُ بِالشَّهْرِ الحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ المُتَّقِينَ﴾ [البَقَرَة: ١٩٤].

- قَولُهُ: ((ثُمَّ اُدْعُهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ)) أَكْثَرُ نُسَخِ مُسْلِمٍ عَلَى إِثْبَاتِ (ثُمَّ)؛ وَالصَّوَابُ إِسْقَاطُهَا كَمَا فِي غَيرِهَا مِنَ الرِّوَايَاتِ، وَلِأَنَّ الدَّعْوَةَ هِيَ إِحْدَى الخِصَالِ الثَّلَاثِ (٢).

- قَولُهُ: ((إِلى دَارِ المُهَاجِرِينَ)) المُرَادُ بِهِ تَحَوُّلُ أَهْلِ البَوَادِي الَّذِينَ أَسْلَمُوا إِلَى دَارِ الإِسْلَامِ، وَفِي ذَلِكَ الوَقْتِ كَانَتِ الدَّارُ هِيَ المَدِينَةُ النَّبَوِيَّةُ.

- قَولُهُ: ((فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيهِمْ مَا عَلَى المُهَاجِرِينَ)) فَلَهُمْ مَا لِلمُهَاجِرِينَ مِنَ الغَنِيمَةِ وَالفَيءِ، وَعَلَيهِم مَا عَلَيهِم مِنَ الجِهَادِ وَالنُّصْرَةِ.

- قَولُهُ: ((وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الغَنِيمَةِ وَالفَيءِ شَيءٌ)) الغَنِيمَةُ: مِا أُخِذَ مِنْ أَمْوَالِ


(١) وَلَفْظُهُ: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَينَةَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ المَدِينَةَ، فَاجْتَوَوهَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ : ((إِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَخْرُجُوا إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ فَتَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا))، فَفَعَلُوا، فَصَحُّوا، ثُمَّ مَالُوا عَلَى الرِّعَاءِ، فَقَتَلُوهُمْ وَارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلَامِ، وَسَاقُوا ذَودَ رَسُولِ اللهِ ! فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ؛ فَبَعَثَ فِي أَثَرِهِمْ فَأُتِيَ بِهِمْ، فَقَطَعَ أَيدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ، وَتَرَكَهُمْ فِي الحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا. رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٢٣٣)، وَمُسْلِمٌ (١٦٧١).
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ؛ قَالَ أَنَسُ: (إِنَّمَا سَمَلَ النَّبِيُّ أَعْيُنَ أُولَئِكَ لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ).
وَ (عُرَينَةُ): حَيٌّ مِنْ بُجَيلَةَ مِنْ قَحْطَانَ.
وَ (فَاجْتَوَوهَا): مَعْنَاهُ اسْتَوخَمُوهَا؛ وَلَمْ تُوَافِقْهُم لِسَقَمٍ أَصَابَهُم.
وَ (سَمَلَ أَعْيُنَهُم): فَقَأَهَا.
(٢) المُفْهِمُ بِشَرْحِ مُسْلِمٍ (٣/ ٥١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>