للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيءٍ مِنْ تَوَاضُعِهِ فَقَالَتْ: (كَانَ يَفْلِي ثَوبَهُ، وَيَحْلُبُ شَاتَهُ، وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ) (١).

وَأَيضًا فِي الأَحَادِيثِ نَهْيٌ عَنِ الغُلُوِّ فِيهِ بِرَفْعِهِ فَوقَ مَنْزِلَتِهِ؛ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الحَدِيثِ (٢).

- قَولُهُ: (وَأَعْظَمُنَا طَولًا): أَي: عَطَاءً لِلأَحِبَّاءِ وَعُلَوًّا عَلَى الأَعْدَاءِ (٣)، وَالطَّولُ أَيضًا الشَّرَفُ والغِنَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ المُؤْمِنَاتِ﴾ [النِّسَاء: ٢٥]، وَيَكُونُ بِمَعْنَى العَظَمَةِ أَيضًا، قَالَ تَعَالَى: ﴿غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ العِقَابِ ذِي الطَّوْلِ﴾ [غَافِر: ٣]، أَي: ذِي العَظَمَةِ وَالغِنَى.

- قَولُهُم: (وَابْن خَيرِنَا): أَي: فِي النَّسَبِ لَا فِي المَقَامِ وَالحَالِ (٤)، وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي قَولِهِ: (وَابْنَ سَيِّدِنَا).


(١) صَحِيحٌ. أَحْمَدُ (٢٦١٩٤) عَنْ عَائِشَةَ مَوقُوفًا. الصَّحِيحَةُ (٦٧١).
(٢) قَالَ القُرْطُبِيُّ فِي التَّفْسِيرِ (٥/ ٢٤٧): "وَأَمَّا قَولُهُ فِي صَحِيحِ الحَدِيثِ: ((لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عَيسَى بْنَ مَرْيَمَ، وَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ)) فَمَعْنَاهُ: لَا تَصِفُونِي بِمَا لَيسَ فِيَّ مِنَ الصِّفَاتِ -تَلْتَمِسُونَ بِذَلِكَ مَدْحِي- كَمَا وَصَفَتِ النَّصَارَى عِيسَى بِمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ، فَنَسَبُوهُ إِلَى أَنَّهُ ابْنُ اللهِ فَكَفَرُوا بِذَلِكَ وَضَلُّوا.
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ رَفَعَ امْرَأً فَوقَ حَدِّهِ وَتَجَاوَزَ مِقْدَارَهُ بِمَا لَيسَ فِيهِ فَمُعْتَدٍ آثِمٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَو جَازَ فِي أَحَدٍ لَكَانَ أَولَى الخَلْقِ بِذَلِكَ رَسُولُ اللهِ ".
(٣) عَونُ المَعْبُودِ (١٣/ ١١٣).
(٤) كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (٢٠٣) عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَينَ أَبِي؟ قَالَ: ((فِي النَّارِ)). فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ فَقَالَ: ((إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ)).

<<  <  ج: ص:  >  >>