للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- قَدْ ثَبَتَتْ صِفَةُ الأَصَابِعِ للهِ تَعَالَى فِي أَحَادِيثَ أُخَرَ -خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ غَيرَ ذَلِكَ- كَحَدِيثِ: ((إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَينِ إِصْبَعَينِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفهُ حَيثُ شَاءَ)) (١).

ج- أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ أَخْبَرَ أَنَّ هَذَا الضَّحِكَ هُوَ مِنْ بَابِ التَّصْدِيقِ.

وَأَمَّا قَولُ بَعْضِهِم أَنَّ هَذَا كَانَ بِاعْتِبَارِ مَا فَهِمَ الصَّحَابِيُّ! فَمَرْدُودٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ يَعْلَمُونَ عَنِ اللهِ تَعَالَى أَكْثَرَ مِمَّا نَعْلَمُ بِلَا رَيبٍ، وَأَيضًا هَذَا يَقْتَضِي وَصْفَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَسَائِر الصَّحَابَةِ الكِرَامِ بِالتَّجْسِيمِ -عَلَى حَدِّ زَعْمِهِم-!

وَأَيضًا كَيفَ تَصِحُّ تَخْطِئَتُهُ بِلَا دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ؛ وَقَدْ جَعَلَ اللهُ تَعَالَى الإِيمَانَ يَقَعُ صَحِيحًا إِذَا كَانَ عَلَى مِثْلِ إِيمَانِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا﴾ [البَقَرَة: ١٣٧].

وَأَيضًا فَإِنَّ مِنْ قَوَاعِدِ عِلْمِ الحَدِيثِ (الرَّاوِي أَدْرَى بِمَرْوِيِّهِ).

٣ - أَنَّ سُكُوتَ النَّبِيِّ بعْدَ هَذَا الوَصْفِ دُونَ أَنْ يُتْبِعَهُ بِبَيَانٍ هُوَ إِقْرَارٌ لَهُ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ عُلِمَ أَيضًا فِي الأُصُولِ أَنَّ (تَأْخِيرَ البَيَانِ عَنْ وَقْتِ الحَاجَةِ لَا يَجُوزُ).

وَفِي زَعْمِ هَؤُلَاءِ أَنَّ البَيَانَ تأَخَّرَ عَنْ وَقْتِ الحَاجَةِ حَتَّى وَقَعَ المَحْظُورُ، فَفَهِمَ الصَّحَابةُ التَّجْسِيمَ -وَهُوَ الكُفْرُ المَحْضُ عِنْدَ المُعَطِّلَةِ- عَنِ النَّبِيِّ ؛ وَلَمْ يَفْهَمُوا


(١) مُسْلِمٌ (٢٦٥٤) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمْرو مَرْفُوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>