للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَسَمَّى اللهُ تَعَالَى اتِّخَاذَ الشُّفَعَاءِ عِنْدَهُ شِرْكًا، وَقَدْ جَعَلَ اللهُ تَعَالَى لِلشَّفَاعَةِ شُرُوطًا مِنْهَا رِضَاهُ عَنِ المَشْفُوعِ، كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ [الأَنْبِيَاء: ٢٨]، فَيَكُونَ مِنْ أَسْبَابِ هَذِهِ الشَّفَاعَةِ طَلَبُ الرِّضَى مِنَ اللهِ تَعَالَى.

وَأَيضًا فَاللهُ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ مِنْ أَسْبَابِ حُصُولِ هَذِهِ الشَّفَاعَةِ أَنْ تُطْلَبَ مِنْ غَيرِهِ تَعَالَى! بَلْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ شِرْكَ المُشْرِكِينَ الأَوَائِلَ كَانَ فِي طَلَبِ الشَّفَاعَةِ مِنَ الأَولِيَاءِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [يُونُس: ١٨]، وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُ أَيضًا أَنَّ الدُّعَاءَ هُوَ العِبَادَةُ.

كَمَا فِي الحَدِيثِ: ((الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ)) ثُمَّ قَرَأَ ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غَافِر: ٦٠] (١).

أَمَّا إِنْ كَانَ المَقْصُودُ بِذَلِكَ يَومَ القِيَامَةِ عِنْدَ مَوقِفِ الشَّفَاعَةِ الكُبْرَى لِنَبِيِّنَا فَيَصِحُّ ذَلِكَ؛ وَلَكِنْ بِقُيُودٍ؛ مِنْهَا:

أ- تَصْحِيحُ ذَلِكَ البَيتِ لِيَكُونَ المَقْصُودُ بِهِ يَومَ القِيَامَةِ، وَفِي الحَدِيثِ: ((إِيَّاكَ وَكُلَّ أَمْرٍ يُعْتَذرُ مِنْهُ)) (٢).


(١) صَحِيحٌ. أَحْمَدُ (١٨٣٥٢) عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٣٤٠٧).
(٢) صَحِيحٌ. الضِّيَاءُ المَقْدِسِيُّ فِي المُخْتَارَةِ (٦/ ١٨٨) عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (٣٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>