للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّعَلُّقُ بِهِ فِي جَلْبِ النَّفْعِ وَدَفْعِ الضُّرِّ، وَهُوَ أَيضًا مِصْدَاقُ قَولِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الغَيبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخَيرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأَعْرَاف: ١٨٨].

وَأَيضًا فِي قَولِهِ لِابْنَتِهِ فَاطْمَةَ : ((سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي؛ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيئًا)) (١) بَيَانُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ النَّفْعَ لِغَيرِهِ -وَهِيَ مِنْ أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَيهِ- فكَيفَ بِغَيرِهَا؟!

ب- أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ يَومَ القِيَامَةِ لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ لِأَحَدٍ شَيئًا، قَالَ تَعَالَى: ﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيئًا وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ [الانْفِطَار: ١٩]، وَتَأَمَّلْ كَونَ النَّفْسِ فِي الآيَةِ جَاءَتْ نَكِرَةً فِي حَقِّ الشَّافِعِ والمَشْفُوعِ وَجِهَةِ الشَّفَاعَةِ؛ الأَمْرَ الَّذِي يَعْنِي أَنَّهُ أَيًّا كَانَ الشَّافِعُ، وَأَيًّا كَانَ المَشْفُوعُ فِيهِ، وَأَيًّا كَانَ وَجْهُ الشَّفَاعَةِ؛ فَلَا يَمْلِكُ أَحَدٌ لِأَحَدٍ شَيئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى، وَعَلَيهِ فَيَجِبُ التَّعَلُّقُ بِاللهِ تَعَالَى لِتَحْصِيلِ المَطْلُوبِ.

جـ- زَعْمُ النَّاظِمِ أَنَّ جَاهَ النَّبِيِّ يَنْفَعُ (إِذَا الكَرِيمُ تَحلَّى بِاسمِ مُنتَقِمِ)! مَرْدُودٌ، وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا تَحَلَّى -كَمَا زَعَمَ النَّاظِمُ- بِاسْمِ مُنْتَقِمٍ؛ فَإِنَّهُ تَعَالَى لَا يَقُومُ لِغَضَبِهِ شَيءٌ؛ إِلَّا مَا أَذِنَ بِهِ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ مَقْبُولٍ (٢)؛ أَو شَفَاعَةٍ مَقْبُولَةٍ مَأْذُونٍ فِيهَا (٣)، وَأَمَّا عَلَى سَبِيلِ هَذَا الإِطْلَاقِ وَبِمَعْنَى المُقَابَلَةِ! فَلَيسَ بِصَحِيحٍ، قَالَ تَعَالَى: ﴿أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيهِ كَلِمَةُ العَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ﴾ [الزُّمَر: ١٩].


(١) البُخَارِيُّ (٤٧٧١)، وَمُسْلِمٌ (٢٠٦) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا.
(٢) كَمَا فِي الحَدِيثِ: ((صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ)). صَحِيحٌ. البَيهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ (٣١٦٨) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (١٩٠٨).
(٣) كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا﴾ [طَه: ١٠٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>