فِي تَفْسِيرِ التَّمِيمَةِ: "هَذَا لَيسَ بِمَوقُوفٍ، لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ ذَكَرَ التَّمِيمَةَ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ؛ فَإِذَا فَسَّرَتْهَا عَائِشَةُ ﵂ كَانَ ذَلِكَ حَدِيثًا مُسْنَدًا". وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا يُجْزَمُ بِكَونِ جَمِيعِ ذَلِكَ يُحْكَمُ بِرَفْعِهِ، بَلِ الاحْتِمَالُ فِيهِ وَاقِعٌ، فَيُحْكَمُ بِرَفْعِ مَا قَامَتِ القَرَائِنُ الدَّالَّةُ عَلَى رَفْعِهِ وَإِلَّا فَلَا. وَاللهُ أَعْلَمُ".وَقَالَ مُحَقِّقُ الكِتَابِ الشَّيخُ الفَاضِلُ رَبِيعُ بْنُ هَادِي حَفِظَهُ اللهُ -تَعْلِيقًا عَلَى كَلَامِ الحَاكِمِ-: "وَلَكِنَّ تَفْسِيرَ ابْنِ مَسْعُودٍ يُعَارِضُ تَفْسِيرَ عَائِشَةَ، فَإِنَّ الحَاكِمَ رَوَى مِنْ طَرِيقِ عَمْرو بْنِ قَيسِ بْنِ السَّكَنِ الأَسَدِيِّ قَالَ: دَخَلَ عَبْدُ اللهُ بْنُ مَسْعُودٍ ﵁ عَلَى امْرَأَةٍ فَرَأَى عَلَيهَا حِرْزًا مِنَ الحُمْرَةِ؛ فَقَطَعَهُ قَطْعًا عَنِيفًا، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ آلَ عَبْدِ اللهِ عَنِ الشِّرْكِ أَغْنِيَاءٌ، وَقَالَ: كَانَ مِمَّا حَفِظْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ: ((أَنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ مِنَ الشِّرْكِ))، ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: هَذَا صَحِيحٌ وَلَم يُخَرِّجَاهُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ المُسْتَدْرَكُ: (٤/ ٢١٧). فَنَرَى ابْنَ مَسْعُودٍ يُنْكِرُ التَّعَلُّقَ بَعْدَ نُزُولِ البَلَاءِ لِأَنَّهُ يَرَى شُمُولَ الحَدِيثِ لِلحَالَينِ قَبْلَ البَلَاءِ وَبَعْدَهُ".قُلْتُ: وَكَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُكَيمٍ ﵁؛ فَقَدْ أَنْكَرَ التَّعْلِيقَ بَعْدَ البَلَاءِ، وَهُوَ مِمَّنْ رَوَى حَدِيثَ النَّهْي عَنِ التَّعَلُّقِ، كَمَا تَجِدُهُ فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ (٢٠٧٢) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ التَّعْلِيقِ: عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ أَبِي لَيلَى؛ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُكَيمٍ؛ أَبِي مَعْبَدِ الجُهَنِيِّ أَعُودُهُ -وَبِهِ حُمْرَةٌ-، فَقُلْنَا: أَلَا تُعَلِّقُ شَيئًا؟ قَالَ: المَوتُ أَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((مَنْ تَعَلَّقَ شَيئًا وُكِلَ إِلَيهِ)). حَسَنٌ لِغَيرِهِ. صَحِيحُ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ (٣٤٥٦).(١) قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ ﵀ فِي كِتَابِهِ المَجْمُوعُ (٩/ ٦٧): "وَرَوَى البَيهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِتَعْلِيقِ القُرْآنِ، وَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ".(٢) قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ ﵀ فِي كِتَابِهِ الآدَابُ الشَّرْعِيَّةِ (٣/ ٨١): "رَوَى وَكِيعٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ: اُتْفُلْ بِالمُعَوِّذَتَينِ وَلَا تُعلِّقْ".(٣) رَوَى أَبُو عُبَيدٍ -القَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ- فِي كِتَابِهِ فَضَائِلُ القُرْآنِ (ص ٣٨٢): عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُغْسَلَ القُرْآنُ وَيُسْقَاهُ المَرِيضُ، أَو يُعلَّقَ القُرْآنُ. وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. اُنْظُرْ تَحْقِيقَ كِتَابِ الكَلِمُ الطَّيِّبُ لِلشَّيخِ الأَلْبَانِيِّ ﵀ (ص ٨٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute