(٢) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ ﵀ فِي الفَتْحِ (٢/ ٣١٤): "كَذَا وَقَعَ فِي البُخَارِيِّ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالسَّرَّاجُ وَالجَوزَقِيُّ وَأَبُو نُعَيمٍ الأَصْبَهَانِيُّ وَالبَيهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ إِلَى أَبِي نُعَيمٍ شَيخِ البُخَارِيِّ فِيهِ بِلَفْظِ: (فَلَمَّا قُبِضَ؛ قُلْنَا: السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ) بِحَذْفِ لَفْظِ (يَعْنِي) وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ عَنْ أَبِي نُعَيمٍ.قَالَ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ المِنْهَاجِ -بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ مِنْ عِنْدِ أَبِي عَوَانَةَ وَحْدَهُ-: إِنْ صَحَّ هَذَا عَنِ الصَّحَابَةِ؛ دَلَّ عَلَى أَنَّ الخِطَابَ فِي السَّلَامِ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ غَيرُ وَاجِبٍ؛ فَيُقَالُ: السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ.قُلْتُ: قَدْ صَحَّ بِلَا رَيبٍ، وَقَدْ وَجَدْتُ لَهُ مُتَابِعًا قَوِيًّا، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ: أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَقُولُونَ -وَالنَّبِيُّ ﷺ حَيٌّ- السَّلَامُ عَلَيكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ؛ فَلَمَّا مَاتَ قَالُوا: السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ. وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ. وَأَمَّا مَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيدَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ عَلَّمَهُمُ التَّشَهُّد؛ فَذَكَرَهُ، قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (إِنَّمَا كُنَّا نَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ -إِذْ كَانَ حَيًّا! -) فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: (هَكَذَا عُلِّمْنَا! وَهَكَذَا نُعَلِّمُ)، فَظَاهِرٌ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَه بَحْثًا وَأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لَمْ يَرْجِعْ إِلَيهِ، لَكِنَّ رِوَايَةَ أَبِي مَعْمَرٍ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ أَبَا عُبَيدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ؛ وَالإِسْنَادُ إِلَيهِ مَعَ ذَلِكَ ضَعِيفٌ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute