للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي دِيوَانِ جَمِيلِ بُثَينَةَ:

"وَأَنْتِ لِعَينِي قُرَّةٌ حِينَ نَلْتَقِي … وَذِكْرُكِ يَشْفِينِي إِذَا خَدِرَتْ رِجْلِي"

٣ - أَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ كَونِ (يَا مُحَمَّد) شِعَارُهُم فِي الحَرْبِ؛ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الاسْتِغَاثَةِ بِهِ! فَحَمْلُهُ عَلَى هَذَا الوَجْهِ مَرْدُودٌ، لِأَنَّ الشِّعَارَ فِي الحَرْبِ هُوَ مَا يُمَيِّزُ بِهِ المُحَارِبُونَ أَنْفُسَهُم عَنْ عَدُوِّهِم عِنْدَ الاخْتِلَاطِ، وَهُوَ يُشْبِهُ مَا يُعْرَفُ اليَومَ بِـ "كَلِمَةِ السِّرِّ".

قَالَ الرَّازِي فِي كِتَابِهِ (مُخْتَارُ الصِّحَاحِ): "شِعَارُ القَومِ فِي الحَرْبِ: عَلَامَتُهُم؛ لِيَعْرِفَ بَعْضُهُم بَعْضًا" (١).

وَفِي الحَدِيثِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ؛ قَالَ: (غَزَونَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ زَمَنَ النَّبِيِّ فَكَانَ شِعَارُنَا: أَمِتْ؛ أَمِتْ) (٢) (٣).

وَمِثْلُهُ عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ مَرْفُوعًا: ((إنْ بُيِّتُّمْ؛ فَلْيَكُنْ شِعارُكُم: حَم، لَا يُنْصَرُونَ)) (٤).

٤ - أَنَّ حَمْلَ الأَثَرَينِ عَلَى الاسْتِغَاثَةِ بِهِ لِيَزُولَ الضُّرُّ بِذِكْرِهِ غَيرُ مَشْرُوعٍ! لِأَنَّ النَّبِيَّ -وَغَيرَهُ مِنْ بَابِ أَولَى- لَا يَمْلِكُ كَشْفَ الضُّرِّ أَصْلًا! قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا﴾ [الجِنّ: ٢١].


(١) مُخْتَارُ الصِّحَاحِ (ص ١٦٥).
(٢) صَحِيحٌ. أَبُو دَاوُدَ (٢٥٩٦) بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُنَادِي بِالشِّعَارِ. صَحِيحُ أَبِي دَاوُدَ (٢٥٩٦).
وَرَوَاهُ البَغَوِيُّ (١١/ ٥٢) بَابُ الشِّعَارِ فِي الحَرْبِ.
(٣) قَالَ ابْنُ الأَثِيرِ : "هُوَ أَمْرٌ بِالمَوتِ، وَالمُرَادُ بِهِ التَّفَاؤُلُ بِالنَّصْرِ بَعْدَ الأَمْرِ بِالإِمَاتَةِ مَعَ حُصُولِ الغَرَضِ لِلشِّعَارِ؛ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا هَذِهِ الكَلِمَةَ عَلَامَةً بَينَهُمْ يَتَعَارَفُونَ بِهَا لِأَجْلِ ظُلْمَةِ اللَّيلِ". النِّهَايَةُ فِي غَرِيبِ الحَدِيثِ (٤/ ٨٠٩).
(٤) صَحِيحٌ. أَبُو دَاوُدَ (٢٥٩٧) عَنِ المُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ عَنْ أَحَدِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ . الصَّحِيحَةُ (٣٠٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>