مَنْ كَانَ مَدَارًا لِصَلَاحِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ دُونَ مُجَرَّدِ صَلَاحِ الدُّنْيَا، فَهَذَا هُوَ القُطْبُ فِي عُرْفِهِمْ، فَقَدْ يَتَّفِقُ فِي بَعْضِ الأَعْصَارِ أَنْ يَكُونَ شَخْصٌ أَفْضَلَ أَهْلِ عَصْرِهِ، وَقَدْ يَتَّفِقُ فِي عَصْرٍ آخَرَ أَنْ يَتَكَافَأَ اثْنَانِ أَو ثَلَاثَةٌ فِي الفَضْلِ عِنْدَ اللهِ سَوَاءٌ، وَلَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ زَمَانٍ شَخْصٌ وَاحِدٌ هُوَ أَفْضَلُ الخَلْقِ عِنْدَ اللهِ مُطْلَقًا!
وَكَذَلِكَ لَفْظُ (البَدَلِ)؛ جَاءَ فِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْهُمْ، فَأَمَّا الحَدِيثُ المَرْفُوعُ فَالأَشْبَهُ أَنَّهُ لَيسَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ ﵇، فَإِنَّ الإِيمَانَ كَانَ بِالحِجَازِ وَبِاليَمَنِ قَبْلَ فُتُوحِ الشَّامِ وَكَانَتِ الشَّامُ وَالعِرَاقُ دَارَ كُفْرٍ ....
وَالَّذِينَ تَكَلَّمُوا بِاسْمِ البَدَلِ فَسَّرُوهُ بِمَعَانٍ مِنْهَا: أَنَّهُمْ أَبْدَالُ الأَنْبِيَاءِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ كُلَّمَا مَاتَ مِنْهُمْ رَجُلٌ أَبْدَلَ اللهُ تَعَالَى مَكَانَهُ رَجُلًا، وَمِنْهَا أَنَّهُمْ أُبْدِلُوا السَّيِّئَاتِ مِنْ أَخْلَاقِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ وَعَقَائِدِهِمْ بِحَسَنَاتٍ، وَهَذِهِ الصِّفَاتُ كُلُّهَا لَا تَخْتَصُّ بِأَرْبَعِينَ وَلَا بِأَقَلَّ وَلَا بِأَكْثَرَ، وَلَا تُحْصَرُ بِأَهْلِ بُقْعَةٍ مِنَ الأَرْضِ، وَبِهَذَا التَّحْرِيرِ يَظْهَرُ المَعْنَى فِي اسْمِ (النُّجَبَاءِ).
فَالغَرَضُ أَنَّ هَذِهِ الأَسْمَاءَ تَارَةً تُفَسَّرُ بِمَعَانٍ بَاطِلَةٍ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ السَّلَفِ مِثْلِ تَفْسِيرِ بَعْضِهِمْ (الغَوثَ) هُوَ الَّذِي يُغِيثُ اللهُ بِهِ أَهْلَ الأَرْضِ فِي رِزْقِهِمْ وَنَصْرِهِمْ! فَإِنَّ هَذَا نَظِيرُ مَا تَقُولُهُ النَّصَارَى ....
وَكَذَلِكَ مَنْ فَسَّرَ (الأَرْبَعِينَ الأَبْدَالَ) بِأَنَّ النَّاسَ إنَّمَا يُنْصَرُونَ وَيُرْزَقُونَ بِهِمْ؛ فَذَلِكَ بَاطِلٌ؛ بَلِ النَّصْرُ وَالرِّزْقُ يَحْصُلُ بِأَسْبَابِ مِنْ آكَدِهَا دُعَاءُ المُؤْمِنِينَ وَصِلَاتُهُمْ وَإِخْلَاصُهُمْ، وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ لَا بِأَرْبَعِينَ وَلَا بِأَقَلَّ وَلَا بِأَكْثَرَ ....
وَلَيسَ فِي أَولِيَاءِ اللهِ المُتَّقِينَ وَلَا عُبَّادِ اللهِ المُخْلِصِينَ الصَّالِحِينَ وَلَا أَنْبِيَائِهِ المُرْسَلِينَ مَنْ كَانَ غَائِبَ الجَسَدِ دَائِمًا عَنْ أَبْصَارِ النَّاسِ! بَلْ هَذَا مِنْ جِنْسِ قَولِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute