للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - تَوحِيدُ الأُلُوهِيَّةِ (١) أَو تَوحِيدُ العِبَادَةِ (٢): وَمَعْنَاهُ جَعْلُ العِبَادَةِ للهِ وَحْدَهُ.

قَالَ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ [لُقْمَان: ٣٠].

وَقَالَ تَعَالَى أَيضًا: ﴿لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا﴾ [الإِسْرَاء: ٢٢].

وَإِنَّ تَحْقِيقَ الإِيمَانِ بِاللهِ تَعَالَى يَكُونُ بِإِفْرَادِ اللهِ تَعَالَى وَحْدَهُ بِالعِبَادَةِ مِنْ صَلَاةٍ وَدُعَاءٍ وَذَبْحٍ وَنَذْرٍ وَتَوَكُّلٍ وَرَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ وَمَحَبَّةٍ وَ … ، فَمَنْ صَرَفَ شَيئًا مِنْهَا لِغَيرِ اللهِ تَعَالَى فَهُوَ مُشْرِكٌ بِهِ سُبْحَانَهُ.

وَإِنَّ المُشْرِكِينَ الأَوَائِلَ لَمْ يَكُنْ شِرْكُهُم هُوَ بِاعْتِقَادِ خَالِقٍ أَو رَازِقٍ أَو نَافِعٍ أَو ضَارٍّ مَعَ اللهِ تَعَالَى -كَمَا يَظُنُّ ذَلِكَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَتَفَقَّهْ بِالقُرْآنِ- (٣)، وَإِنَّمَا كَانَ شِرْكُهُم


=
تَعْبُدُوا مَعَهُ غَيرَهُ بِآرَائِكُم وَجَهْلِكُم؟!
وَقَولُهُ: ﴿فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾ أَي: فَهَذَا الَّذِي اعْتَرَفْتُم بِأَنَّهُ فَاعِلُ ذَلِكَ كُلِّهِ هُوَ رَبُّكُم وَإِلَهُكُم الحَقُّ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يُفْرَدَ بِالعِبَادَةِ، ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ﴾ أَي: فَكُلُّ مَعْبُودٍ سِوَاهُ بَاطِلٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ".
(١) قَالَ فِي القَامُوسِ المُحِيطِ (ص ١٢٤٢): "أَلَهَ إِلَاهَةً وَأُلُوهَةً وَأُلُوهِيَّةً: عَبَدَ عِبَادَةً، وَمِنْهُ لَفْظُ الجَلَالَةِ".
وَقَالَ فِي لِسَانِ العَرَبِ (١٣/ ٤٦٧): " (ألَهَ) الإلَهُ: اللهُ Object، وكُلُّ مَا اتُخِذَ مِنْ دُونِهِ مَعْبُودًا: إلَهٌ عِنْدَ مُتَّخِذِهِ، وَالجَمْعُ آلِهَةٌ، وَالآلِهَةُ: الأَصْنَامُ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِاعْتِقَادِهِم أَنَّ العِبَادَةَ تَحُقُّ لَهَا، وَأَسْمَاؤُهُم تَتْبَعُ اعْتِقَادَاتِهِم لَا مَا عَلَيهِ الشَّيءُ فِي نَفْسِهِ".
(٢) هَذَا النَّوعُ مِنَ التَّوحِيدِ يَكُونُ اسْمُهُ بِاعْتِبَارَينِ:
فَبِاعْتِبَارِ إِضَافَتِهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى يُسمَّى: تَوحِيدَ الأُلُوهِيَّةِ، فَلَا إلَهَ حَقٌّ إِلَّا هُوَ، وَبِاعْتِبَارِ إِضَافَتِهِ إِلَى العِبَادِ يُسمَّى: تَوحِيدَ العِبَادَةِ، وَذَلِكَ بِأَنْ لَا تَعْبُدَ غَيرَهُ.
قَالَ الشَّيخُ السَّعْدِيُّ Object فِي التَّفْسِيرِ (ص ٥٠٣): "فَالأُلُوهِيَّةُ وَصْفُهُ تَعَالَى، وَالعُبُودِيَّةُ وَصْفُ عَبْدِهِ".
(٣) قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى
=

<<  <  ج: ص:  >  >>