للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِيهِ أَهَمِيِّةُ تَعَلُّمِ التَّوحِيدِ وَضَرُورَةُ تَعْلِيمِهِ.

وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَفَغَيرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ﴾ [الزمر: ٦٤]، وَكَقَولِهِ أَيضًا سُبْحَانَهُ: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: ٢٩].

هَذَا؛ وَقَدْ خَفِيَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ حَدِيثًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ؛ فكَيفَ بِمَنْ لَمْ يَعْرِفِ التَّوحِيدَ إِلَّا مُجَرَّدَ كَلِمَةٍ يَقُولُهَا بِلِسَانِهِ! فَاللهُ المُسْتَعَانُ.

- فِي الحَدِيثِ بَيَانُ أَدَبِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيهِم أَنَّهُم سَأَلُوا النَّبِيَّ وَلَمْ يَفْعَلُوا؛ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ العِبَادَاتِ تَوقِيفِيَّةٌ.

- قَولُ المُصَنِّفِ : (بِشَجَرٍ أَو حَجَرٍ): يَدْخُلُ فِيهِ الحَجَرُ الأَسْوَدُ فَلَا يُتَبَرَّكُ بِهِ، وَإِنَّمَا يُتعبَّدُ اللهُ تَعَالَى بِمَسْحِهِ وَتَقْبِيلِهِ -اتِّبَاعًا لِلرَّسُولِ وَبِذَلِكَ تَحْصُلُ بَرَكَةُ الثَّوَابِ.

وَفِي (صَحِيحِ البُخَارِيِّ): قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ لِلرُّكْنِ اليَمَانِيِّ: (أَمَا وَاللهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَولَا أَنِّي رَأَيتُ النَّبِيَّ اسْتَلَمَكَ مَا اسْتَلَمْتُكَ)، فَاسْتَلَمَهُ. ثُمَّ قَالَ: (فَمَا لَنَا وَللرَّمَلِ؟ إِنَّمَا كُنَّا رَاءَينَا بِهِ المُشْرِكِينَ -وَقَدْ أهلَكَهُمُ اللهُ-، ثُمَّ قَالَ: شَيءٌ صَنَعَهُ النَّبِيُّ فَلَا نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ) (١) (٢).

- إِنَّ سَبَبَ انْتِشَارِ المُخَالَفَاتِ الشِّرْكيَّةِ بِالتَّبَرُّكِ بِالصَّالِحِينَ وَالآثَارِ هُوَ نَتِيجَةُ صُعُوبَةِ التَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى أُولَئِكَ المُتَبَرِّكِينَ؛ فَأَرَادُوا غُفْرَانَ الذُّنُوبِ وَزِيَادَةَ الحَسَنَاتِ بِأَهْوَنَ مِنْ ذَلِكَ؛ فَعَمَدُوا إِلَى التَّبَرُّكِ المُبْتَدَعِ بِالآثَارِ المَكَانِيَّةِ وَآثَارِ الصَّالِحِينَ.


(١) البُخَارِيُّ (١٦٠٥).
(٢) قُلْتُ: وَفِي البُخَارِيِّ (١٥٩٧) أَيضًا قَولُهُ ذَلِكَ عَنِ الحَجَرِ الأَسْوَدِ، وَفِيهِ: (وَلَولَا أَنِّي رَأَيتُ النَّبِيَّ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>