وَلَكِنْ قَالَ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ ﵀ بَعْدَ أَنْ أَورَدَ هَذَا الأَثَرَ فِي كِتَابِهِ (تَحْذِيرُ السَّاجِدِ) (ص ١١٦): "ثُمَّ اسْتَدْرَكْتُ فَقُلْتُ: يُبْعِدُ ذَلِكَ كُلَّهُ مَا أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي كِتَابِ الجِهَادِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ نَافِعٍ؛ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ ﵄: (رَجَعْنَا مِنَ العَامِ المُقْبِلِ فَمَا اجْتَمَعَ مِنَّا اثْنَانِ عَلَى الشَّجَرَةِ الَّتِي بَايَعْنَا تَحْتَهَا! كَانَتْ رَحْمَةً مِنَ اللهِ). (يَعْنِي: خَفَاءَهَا عَلَيهِم). فَهُوَ نَصٌّ عَلَى أَنَّ الشَّجَرَةَ لَمْ تَبْقَ مَعْرُوفَةَ المَكَانِ يُمْكِنُ قَطْعُهَا مِنْ عُمَرَ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى ضَعْفِ رِوَايَةِ القَطْعِ الدَّالِّ عَلَيهِ الانْقِطَاعُ الظَّاهِرُ فِيهَا نَفْسِهَا، وَمِمَّا يَزِيدُهَا ضَعْفًا مَا رَوَى البُخَارِيُّ فِي المَغَازِي مِنْ صَحِيحِهِ عَنْ سَعِيد بْنِ المُسَيِّبِ عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ: (لَقَدْ رَأَيتُ الشَّجَرَةَ، ثُمَّ أَتَيتُهَا بَعْدُ فَلَمْ أَعْرِفْهَا) ".وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي (الاسْتِذْكَارُ) (٢/ ٣٦٠): "وَقَدْ كَرِهَ مَالِكُ وَغَيرُهُ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ طَلَبَ مَوضِعَ الشَّجَرَةِ الَّتِي بُويِعَ تَحْتَهَا بَيعَةُ الرِّضْوَانِ، وَذَلِكَ -وَاللهُ أَعْلَمُ- مُخَالَفَةً لِمَا سَلَكَهُ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى فِي مِثْلِ ذَلِكَ".(٢) وَيَكُونُ ذَلِكَ بِإِقَامَةِ المُحَاضَرَاتِ وَالنَّدَوَاتِ فِي مَوضُوعِ التَّبَرُّكِ، وَأَيضًا بِغَزْوِ القُبُورِيينَ عِنْدَ أَضْرِحَتِهِم، وَبَيَانِ ضَلَالِهِم بِالحُجَّةِ وَالبُرْهَانِ -وَلَكِنْ بِالحُسْنَى، وَبِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ-، وَبِإِقَامَةِ المُنَاظَرَاتِ مَعَهُم، كَمَا فِي مُحَاجَّةِ إِبْرَاهِيمَ لِقَومِهِ؛ وَهُودٍ مَعَ قَومِهِ عَلَيهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.وَعَلَى كُلِّ حَالٍ؛ يَجِبُ عَلَى الشَّبَابِ المُسْلِمِ أَنْ يَأْخُذَ دَورَهُ فِي ذَلِكَ -وَلَكِنْ مُتَسَلِّحًا بِالعِلْمِ-، وَهَذَا يَحْتَاجُ لِسَعْيٍ وَصَبْرٍ وَمَنْهَجٍ قَوِيمٍ وَرُجُوعٍ لِلعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ، فَالإِسْلامُ لَا يَقُومُ عَلَى الشَّبَابِ الهَزِيلِ! قَالَ تَعَالَى: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾ [الأَحْزَاب: ٢٣].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute