للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ التَّصَاوِيرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللهِ يَومَ القِيَامَةِ)) وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا صُوَرٌ فَقَدْ صَلَّى الصَّحَابَةُ فِي الكَنِيسَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ فِي (الاخْتِيَارَاتِ): وَالمَذْهَبُ الَّذِي عَلَيهِ عَامَّةُ الأَصْحَابِ كَرَاهَةُ دُخُولِ الكَنِيسَةِ المُصَوَّرَةِ؛ فَالصَّلَاةُ فِيهَا وَفِي كُلِّ مَكَانٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ أَشَدُّ كَرَاهَةً. وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا رَيبَ فِيهِ وَلَا شَكَّ" (١).

قُلْتُ: وَعَلَى كُلِّ حَالٍ؛ فَإِذَا خَلَا المَكَانُ مِنَ المَوَانِعِ جَازَتِ الصَّلَاةُ، وَمِنْ هَذِهِ المَوَانِعِ: حُدُوثُ المُشَابَهَةِ، وُوُجُودُ التَّصَاوِيرِ وَمَظَاهِرِ الشِّرْكِ (٢).


(١) الثَّمَرُ المُسْتَطَابُ (١/ ٣٩٥).
(٢) وَمِمَّا تَجْدُرُ الإِشَارَةُ إِلَيهِ أَنَّ صَلَاةَ المُسْلِمِ فِي كَنِيسَةٍ -وَلَو خَلَتْ مِنَ الصُّوَرِ- فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ؛ تَخْتَلِفُ عَنْ صَلَاةِ المُسْلِمِ فِي هَذَا الزَّمَنِ؛ وَذَلِكَ لِقُوَّةِ الإِسْلَامِ وَظُهُورِهِ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ، بِخِلَافِ هَذَا الزَّمَنِ الَّذِي ظَهَرَتْ فِيهِ العِلْمَانِيَّةُ وَدَعْوَى (وَحْدَةِ الأَدْيَانِ) وَغَيرِهَا مِنَ الدَّعَاوَى المُمَيِّعَةِ لِلإِسْلَامِ؛ مِمَّا تَكُونُ فِيهِ صَلَاةُ المُسْلِمِ اليَومَ فِي كَنِيسَةٍ -وَلَو خَلَتْ مِنَ الصُّوَرِ؛ وَهَيهَاتَ هَيهَاتَ- أَشَدَّ حَظْرًا لِدِلَالَتِهَا عَلَى وَحْدَةِ المَضْمُونِ بَينَ المُسْلِمِ وَالنَّصْرَانِيِّ! بِخِلَافِ قَولِ عُمَرَ : (إِنَّا لَا نَدْخُلُ كَنَائِسَكُمْ مِنْ أَجْلِ التَّمَاثِيلِ الَّتِي فِيهَا الصُّوَرُ) فَهُوَ صَرِيحٌ فِي ظُهُورِ عِزَّةِ المُسْلِمِ، وَمُبَايَنَتِهِ لِلكُفَّارِ فِي طُقُوسِهِم وَمَظَاهِرِهِم، وَإِنْكَارِهِ لِشِرْكِهِم المُتَمَثِّلِ فِي الصُّوَرِ. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>