للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- أَنْوَاعُ النَّذْرِ -مِنْ جِهَةِ الابْتِدَاءِ-:

١ - نَذْرُ الشَّرْطِ (١).

وَيَكُونُ بِاشْتِرَاطِ فِعْلِ أَمْرٍ للهِ تَعَالَى فِي مُقَابِلِ قَضَاءِ اللهِ تَعَالَى لِأَمْرٍ مَا، وَهَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ (٢)، وَهُوَ كَقَولِ القَائِلِ: "يَا رَبِّ؛ إِنْ فَعَلْتَ كَذَا؛ فَعَلْتُ أَنَا كَذَا"!!

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: (أَنَّهُ نَهَى عَنِ النَّذْرِ، وَقَالَ: إِنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيرٍ! وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ)) (٣).

وَلَكِنَّ الوَفَاءَ بِهِ وَاجِبٌ إِنْ كَانَ طَاعَةً للهِ تَعَالَى (٤).

٢ - نَذْرٌ مُطْلَقٌ.

وَيَكُونُ ابْتِدَاءً مِنْ بَابِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، أَوِ الشُّكْرِ لَهُ تَعَالَى عَلَى نِعَمِهِ، وَلَيسَتْ هِيَ فِي مُقَابَلَةِ أَمْرٍ مَا عَلَى سَبِيلِ أَدَاءِ الشَّرْطِ كَمَا سَبَقَ، كَمَا لَوْ قَالَ قَائِلٌ مِنْ بَابِ الشُّكْرِ عَلَى نِعْمَةٍ اسْتَجَدَّتْ عَلَيهِ: "لِلَّهِ عَلَيَّ شَاةٌ".

وَهَذَا النَّذْرُ المُطْلَقُ هُوَ قُرْبَةٌ إِلَى اللهِ تَعَالَى، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ [البَقَرَة: ٢٧٠].


(١) أَو نَذْرُ المُجَازَاةِ.
(٢) وَحُكْمُ أَهْلِ العِلْمِ فِيهِ بَينَ الكَرَاهَةِ وَالتَّحْرِيمِ.
(٣) مُسْلِمٌ (١٦٣٩).
وَفِي الحَدِيثِ أَيضًا: ((لَا تَنْذِرُوا؛ فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يُغْنِي مِنَ القَدَرِ شَيئًا! وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ)). صَحِيحِ مُسْلِمٍ (١٦٤٠) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا.
(٤) قَالَ التِّرْمِذِيُّ في (الجَامِعِ) (٣/ ١٦٤) عَقِبَ الحَدِيثِ: "وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ وَغَيرِهِمْ، كَرِهُوا النَّذْرَ، وقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ: مَعْنَى الكَرَاهِيَةِ فِي النَّذْرِ فِي الطَّاعَةِ وَالمَعْصِيَةِ، وَإِنْ نَذَرَ الرَّجُلُ بِالطَّاعَةِ فَوَفَّى بِهِ؛ فَلَهُ فِيهِ أَجْرٌ وَيُكْرَهُ لَهُ النَّذْرُ".

<<  <  ج: ص:  >  >>