للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ: ((لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ! إنَّمَا أَنَا عَبْدٌ؛ فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ)) (١)،

وَلَمَّا صَفُّوا خَلْفَهُ قِيَامًا قَالَ: ((لَا تُعَظِّمُونِي كَمَا تُعَظِّمُ الْأَعَاجِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا!)) (٢)،

وَقَالَ أَنَسٌ: لَمْ يَكُنْ شَخْصٌ أَحَبَّ إلَيهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ؛ وَكَانُوا إذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا لَهُ؛ لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهَتِهِ لِذَلِكَ (٣)،

وَلَمَّا سَجَدَ لَهُ مُعَاذٌ؛ نَهَاهُ، وَقَالَ: ((إنَّهُ لَا يَصْلُحُ السُّجُودُ إلَّا لِلَّهِ، وَلَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدِ لَأَمَرْت الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مَنْ عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيهَا)) (٤)،

وَلَمَّا أُتِيَ عَلِيٌّ بِالزَّنَادِقَةِ -الَّذِينَ غَلَوْا فِيهِ، وَاعْتَقَدُوا فِيهِ الْإِلَهِيَّةَ- أَمَرَ بِتَحْرِيقِهِمْ بِالنَّارِ (٥).

فَهَذَا شَأْنُ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَأَوْلِيَائِهِ، وَإِنَّمَا يُقِرُّ عَلَى الْغُلُوِّ فِيهِ وَتَعْظِيمِهِ بِغَيرِ حَقٍّ مَنْ يُرِيدُ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَفَسَادًا! كَفِرْعَوْنَ وَنَحْوِهِ، وَمَشَايِخِ الضَّلَالِ الَّذِينَ غَرَضُهُمُ الْعُلُوُّ فِي الْأَرْضِ وَالْفَسَادُ وَالْفِتْنَةُ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَاِتِّخَاذُهُمْ أَرْبَابًا وَالْإِشْرَاكُ بِهِمْ مِمَّا يَحْصُلُ فِي مَغِيبِهِم وَفِي مَمَاتِهِمْ -كَمَا أُشْرِكُ بِالْمَسِيحِ وَعُزَيرٍ-.


(١) صَحِيحُ البُخَارِيِّ (٣٣٤٥). مِن حَدِيثِ عُمَرَ مَرْفُوعًا.
(٢) صَحِيحٌ. ابْنُ مَاجَه (٣٨٣٦) بِنَحْوِهِ مِن حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٧٣٨٠).
(٣) صَحِيحٌ. التِّرْمِذِيُّ (٢٧٥٤) مِن حَدِيثِ أَنَسٍ. الصَّحِيحَة (٣٥٨).
(٤) صَحِيحٌ. النَّسَائِيُّ فِي الكُبْرَى (٩١٠٢) مِن حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٧٧٢٥).
(٥) رَوَى البُخَارِيُّ (٣٠١٧): أَنَّ عَلِيًّا حَرَّقَ قَوْمًا، فَبَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ! لِأَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: ((لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللهِ))، وَلَقَتَلْتُهُمْ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ : ((مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ)).

<<  <  ج: ص:  >  >>