للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- فِي عِبَارَةِ شَيخِ الإِسْلَامِ Object بَيَانُ شَرْطَيِّ الشَّفَاعَةِ، فَالأَوَّلُ: أَنَّ المَلَائِكَةَ لَا تشفعُ إلّا لِمَنْ Object. وَالثَّانِي: أَنَّ النَّبِيَّ Object -وَهُوَ صَاحِبُ المَقَامِ المَحْمُودِ الَّذِي ثَبَتَتِ الشَّفَاعَةُ فِي حَقِّهِ- هُوَ نَفْسُهُ لَا يَشْفَعُ حَتَّى يُؤْذَنَ لَهُ؛ فَيُقَالُ: ((يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ)).

فَإِنَّ النَّبِيَّ Object لَا يُدْخِلُ مَنْ شَاءَ إِلَى الجَنَّةِ! بَلِ اللهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي يَحُدُّهُمُ لَهُ، كَمَا فِي المُتَّفَقِ عَلَيهِ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ الطَّوِيلِ؛ وَفِيهِ: ((فَأَنْطَلِقُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ عَلَى رَبِّي؛ فَيُؤْذَنَ لِي، فَإِذَا رَأَيتُ رَبِّي وَقَعْتُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَحْمَدُهُ بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ ثُمَّ أَشْفَعُ، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا؛ فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ)) (١).

- إِنَّ طَلَبَ الشَّفَاعَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ شِرْكٌ أَكْبَرُ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ لِغَيرِ اللهِ تَعَالَى، وَأَمَّا طَلَبُ الشَّفَاعَةِ مِنَ الحَيِّ فَهُوَ جَائِزٌ، لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ سُؤَالِ الحَيِّ الحَاضِرِ القَادِرِ (٢)، كَسُؤَالِ النَّاسِ لِلأَنْبِيَاءِ يَومَ القِيَامَةِ فِي مَوقِفِ الشَّفَاعَةِ الكُبْرَى، فَهُمْ أَحْيَاءٌ قَادِرُونَ عَلَى


(١) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٤٤٧٦)، وَمُسْلِمٌ (١٩٣).
(٢) وَقَدْ تقرَّرَ فِي الشَّرِيعَةِ أَنَّ الكُفَّارَ كَانُوا يَدْعُونَ آلهَتَهُم مِنْ بَابِ الشَّفَاعَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [يُونُس: ١٨].
وَأَمَّا سُؤَالُ الحَيِّ الحَاضِرِ القَادِرِ أَنَّ يَشْفَعَ لَهُ (يَطْلُبَ لَهُ) فَهُوَ ثَابِتٌ شَرْعًا فِي أَحَادِيثَ كَثِيرْةٍ، مِثْلَ حَدِيثِ الضَّرِيرِ فِي طَلَبِ دُعَاءِ النَّبِيِّ Object لُهُ، وَفِيهِ: ((اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ)) صَحِيحٌ. أَحْمَدُ (١٧٢٤٠). صَحِيحُ الجَامِعِ (١٢٧٩). وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللهُ فِي الحَدِيثِ عَنِ التَّوَسُّلِ.
وَكَمَا فِي حَدِيثِ حُصَينِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: (فَقَامَ عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ لِي). رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٦٥٤١)، وَمُسْلِمٌ (٢٢٠). فَالأَوَّلُ بِصَرِيحِ لَفْظِ الشَّفَاعَةِ، وَالثَّانِي بِمَعْنَاهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>