للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

((قَاتَلَ اللهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى؛ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِم مَسَاجِدَ) قَالَ: وَأَكْرَهُ هَذَا لِلسُّنَّةِ وَالآثَارِ، وَأنَّهُ كَرِهَ -وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ- أَنْ يُعَظَّمَ أَحَدٌ مِنَ المُسْلِمِينَ -يَعْنِي: يُتَّخَذَ قَبْرُهُ مَسْجِدًا-؛ وَلَمْ تُؤْمَنْ فِي ذَلِكَ الفِتْنَةُ وَالضَّلَالُ" (١).

- قَولُهَا: (لأُبْرِزَ): أَي: لَأُخْرِجَ مِنْ بيتِهِ وَدُفِنَ مَعَ الصَّحَابَةِ الكِرَامِ فِي البَقِيعِ (٢).

- قَولُهَا: (غَيرَ أَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا) فِيهَا رِوَايَتَانِ -كَمَا فِي البُخَارِيِّ-: (خُشِيَ) بِالضَّمِّ، أَي: مِنْ جِهَةِ الصَّحَابَةِ، وَبِالفَتْحِ، أَي: مِنْ جِهَةِ النَّبِيِّ ، وَبِهَذَا الأَخِيرِ يُعْلَمُ أَنَّ الدَّفْنَ فِي البَيتِ تَمَّ بِتَوقِيفٍ مِنْهُ .

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ : "وَكَأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ مُرْتَحِلٌ مِنْ ذَلِكَ المَرَضِ؛ فَخَافَ أَنْ يُعَظَّم قَبْرُهُ كَمَا فَعَلَ مَنْ مَضَى؛ فَلَعَنَ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى إِشَارَةً إِلَى ذَمِّ مَنْ يَفْعَلُ فِعْلهمْ" (٣).

- إِنَّ سَبَبَ دَفْنِ النَّبِيِّ فِي بَيتِهِ أَمْرَان:

١ - حَدِيثُ البَابِ، وَفِيهِ: (ولَولَا ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ).

٢ - حَدِيثُ: ((مَا قَبَضَ اللهُ نَبِيًّا إِلَّا فِي المَوضِعِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُدْفَنَ فِيهِ)) (٤).

قُلْتُ: وَهَذَا الدَّفْنُ فِي البَيتِ هُوَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ الأَنْبِياءِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِم وَسَلَّمَ، وَإلَّا فَالأَصْلُ الدَّفْنُ فِي المَقَابِرِ وَعَدَمُ الدَّفْنِ فِي البُيُوتِ، كَمَا فِي صَحِيحِ


(١) الأُمُّ (١/ ٣١٧).
(٢) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الفَتْحِ (٣/ ٢٠٠): "أَي: لَكُشِفَ قَبْرُ النَّبِيِّ وَلَمْ يُتَّخَذ عَلَيهِ الحَائِلُ، وَالمُرَادُ الدَّفْنُ خَارِجَ بَيتِهِ".
(٣) فَتْحُ البَارِي (١/ ٥٣٢).
(٤) صَحِيحٌ. التِّرْمِذِيُّ (١٠١٨) عَنْ أَبِي بَكْرٍ مَرْفُوعًا، صَحِيحُ التِّرْمِذِيِّ (١٠١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>