رُكْنَي القَبْرِ الشَّمَالِيَّينِ، وَحَرَّفُوهُمَا حَتَّى التَقَيَا حَتَّى لَا يَتَمَكَّنَ أَحَدٌ مِنِ اسْتِقْبَالِ القَبْرِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الحَدِيثِ: ((لَولَا ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ، غَيرَ أَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذ مَسْجِدًا)). وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَم بِالصَّوَابِ".تَنْبِيهٌ: عَزُو إِدْخَالِ الحُجْرَةِ فِي المَسْجِدِ إِلَى الصَّحَابةِ لَا يَثْبُتُ؛ كَمَا أَوضَحَهُ الحَافِظُ ابْنُ عَبْدِ الهَادِي ﵀ فِي كِتَابِهِ الصَّارِمُ المُنْكِي (ص ١٥١).قُلْتُ: وَفِي (إِكْمَالُ المُعْلِمِ) (٢/ ٢٥٢) شَرْحُ مُسْلِمٍ لِلقَاضِي عِيَاض: "وَلِهَذَا لَمَّا احْتَاجَ المُسْلِمُونَ إِلَى الزِّيَادَةِ فِي مَسْجِدِهِ ﷺ لِتَكَاثُرِهِم بِالمَدِينَةِ، وَامْتَدَّتِ الزِّيَادَةُ إِلَى أَنْ أُدْخِلَ فِيهَا بُيُوتَ أَزْوَاجِهِ" فَلَمْ يَذْكُرِ الصَّحَابَةَ؛ فَتَنَبَّهْ.(١) وَفِي البُخَارِيِّ (١٨٦٨) قِصَّةُ نَبْشِ قُبُورِ المُشْرِكِينَ لِبِنَاءِ المَسْجِدِ النَّبَوِيِّ، فَلَمْ يَأْمُرِ النَّبِيُّ ﷺ بإزَالَةِ التُّرَابِ الَّذِي يُفْتَرَضُ أَنْ يَكُونَ هُوَ مَظِنَّةَ التَّنَجُّسِ!(٢) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ ﵀ فِي الفَتْحِ (٣/ ٢٠٨): "وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ المَنْعَ مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ حَالَ خَشْيَةِ أَنْ يُصْنَعَ بِالقَبْرِ كَمَا صَنَعَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لُعِنُوا، وَأَمَّا إِذَا أُمِنَ ذَلِكَ فَلَا امْتِنَاعَ، وَقَدْ يَقُولُ بِالمَنْعِ مُطْلَقًا مَنْ يَرَى سَدَّ الذَّرِيعَةِ -وَهُوَ هُنَا مُتَّجِهٌ قَوِيٌّ-".قَالَ الشَّيخُ ابْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الفَتْحِ: "بَلْ هَذَا هُوَ الحَقُّ، لِعُمُومِ الأَحَادِيثِ الوَارِدَةِ بِالنَّهْي عَنِ اتِّخَاذِ القُبُورِ مَسَاجِدَ، ولَعْنِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ بِنَاءَ المَسَاجِدِ عَلَى القُبُورِ مِنْ أَعْظَمِ وَسَائِلِ الشِّرْكِ بِالمَقْبُورِينَ فِيهَا. وَاللهُ أَعْلَمُ".قُلْتُ: وَالشِّرْكُ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَى أَصْحَابِهِ ﷺ فَكَيفَ بِغَيرِهِم! وَفِي الحَدِيثِ: ((أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيكُم=
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute