للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- الشُّبْهَةُ السَّادِسَةُ: أَنَّ مَسْجِدَ بَنِي أُمَيَّةَ (المَسْجِدَ الأُمَوِيَّ) مُنْذَ دَخَلَ إِلَيهِ الصَّحَابَةُ وَغَيرُهُم لَمْ يُنْكِرُوا وُجُودَ قَبْرِ يَحْيَى ! فَمَا الجَوَابُ؟

الجَوَابُ مِنْ وَجْهَينِ:

١ - أَنَّ المَسْجِدَ الأُمَويَّ إِنَّمَا أَنْشَأَهُ الوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ ، وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهُ كَانَ جُزْءًا مِنْ مَعْبَدٍ رُومَانِيٍّ أَو كَنِيسَةٍ؛ وَاسْتَغَلَّ بِنَاءَهُ وَهَيئَتَهُ لِيَكُونُ مَسْجِدًا، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ صَلَّى فِيهِ مِنَ الصَّحَابَةِ الكِرَامِ (١) أَنَّهُ رَأَى قَبْرًا فِيهِ أَو ذَكَرَ شَيئًا مِنْ شَأْنِهِ، وَعَلَيهِ فَلَا حُجَّةَ فِي هَذَا الاسْتِدْلَالِ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ أَصْلًا.

٢ - دَعْوَى أَنَّ فِيهَا قَبْرَ يَحْيَى ! إِنَّمَا هُوَ مَحْضُ اخْتِلَاقٍ، وَذَلِكَ لِأَسْبَابٍ:

أ- عَدَمُ وُجُودِ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ غَايَةُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُم أَثْنَاءَ العَمَلِيَّاتِ فِيهِ -عَمَلِيَّاتِ الإِصْلَاحِ لِجَعْلِهِ مَسْجِدًا- وَجَدُوا فِيهِ مَغَارَةً فِيهَا صُنْدُوقٌ فِيهِ رَأْسٌ وَكُتِبَ عَلَى الصُّنْدُوقِ: هَذَا رَأْسُ يَحْيَى، فَأَمَرَ الوَلِيدُ بِإِبْقَائِهِ فِي مَكَانِهِ، وَجَعَلَ العَمُودَ الَّذِي فَوقَهُ مُغَيَّرًا مِنَ الأَعْمِدَةِ، فَلَمْ يُبْنَ عَلَيهِ قَبْرٌ! بَلْ أَبْقَاهُ فِي مَغَارَتِهِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ؛ فَهَذَا الأَثَرُ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا أَيضًا، رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ (٢)، وَفِي الإِسْنَادِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامٍ الغَسَّانِيُّ، وَهُوَ كَذَّابٌ (٣).

ب- أَنَّ جُمْهُورَ المُؤَرِّخِينَ ذَكَرُوا أَنَّ رَأْسَ يَحْيَى هُوَ فِي مَسْجِدٍ فِي حَلَبَ، وَلَيسَ فِي المَسْجِدِ الأُمَوِيِّ (٤)!


(١) وَقَدْ ثَبَتَ أنَّه قَدْ صَلَّى فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ كَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَثَوبَانَ.
(٢) تَارِيخُ دِمَشْقَ (٢/ ٢٤١).
(٣) اُنْظُرْ (مِيزَانُ الاعْتِدَالِ) (١/ ٧٣).
(٤) وَفِي كِتَابِ (تَارِيخُ حَلَب) لابْنِ العَظِيمِيِّ التَّنُوخِيِّ (ص ٣٣٦): "سَنَة (٤٣٥ هـ): فِيهَا ظَهَرَ بِبَعْلَبَك فِي
=

<<  <  ج: ص:  >  >>