كَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَينِ إِحْسَانًا﴾ [الإِسْرَاء: ٢٣]، وَكَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ [الأَحْزَاب: ٣٦].
ب- كَونِيٌّ.
كَالحَدِيثِ هُنَا، وكَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [البَقَرَة: ١١٧].
وَكِلَاهُمَا حَقٌّ، وَقَدْ جَمَعَهُمَا قَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ﴾ [غَافِر: ٢٠].
وَأمَّا التَّفْرِيقُ بَينَهُمَا؛ فَيَكُونُ مِنْ جِهَتَينِ:
أ- الكَونِيُّ: وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ، وَقَدْ يُحِبُّهُ اللهُ تَعَالَى وَقَدْ لَا يُحِبُّهُ.
ب- الشَّرْعِيُّ: قَدْ يَقَعُ وَقَدْ لَا يَقَعُ، وَهُوَ مَحْبُوبٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى.
- قَولُهُ: ((وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ)) هَذِهِ الإِجَابَةُ بِعَدَمِ التَّسْلِيطِ قُيِّدَتْ بِقَولِهِ: ((حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُم يُهْلِكُ بَعْضًا ويَسْبِي بَعْضُهُم بَعْضًا))، فَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُم؛ فَقَدْ يُسَلِّطُ اللهُ عَلَيهِم عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِم؛ فَيَسْتَبِيحَ بَيضَتَهُم.
فَفِيهِ الإِرْشَادُ إِلَى أَنَّ تَفَرُّقَ الأُمَّةِ وَتَنَاحُرَهَا فِيمَا بَينَهَا هُوَ سَبَبٌ لِتَسَلُّطِ العَدُوِّ عَلَيهَا، وَأَنَّ اجْتِمَاعَهَا وَتَوَحُّدَهَا عَلَى الحَقِّ سَبَبٌ لِمَنْعِ الكُفَّارِ مِنَ الاسْتِيلَاءِ عَلَى شَيءٍ مِنْ بِلَادِهَا.
- قَولُهُ: ((بَيضَتَهُمْ)) أَي: حَوزَتَهُم وَسَاحَتَهُم، وَالمَعْنَى: لَا يَسْتَبِيحَ بِلَادَهُم وجَمَاعَتَهُم.
- قَولُهُ: ((الأَئِمَّةَ المُضِلِّينَ)) فِيهِ أَنَّ الضَّلَالَ كَالحَقِّ -فِيهِ أَئِمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَيهِ-، كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْ آلِ فِرْعَونَ: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute