للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى عَنْهُ: ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ [الأَعْرَاف: ١٨٨] (١).

- قَولُهُ: (لَا تُشْرِكُ بِي شَيئًا): (شَيئًا) نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْي تُفِيدُ العُمُومَ؛ أَي: لَا شِرْكًا أَصْغَرَ وَلَا شِرْكًا أَكْبَرَ.

- فَائِدَة ١: إنَّ الحَدِيثَ فِيهِ بَيَانُ مَغْفِرَةِ اللهِ تَعَالَى لِلذُّنُوبِ وَلَو كَانَتْ بِمِقْدَارِ الأَرْضِ، ولَكِنَّ هَذَا مُقَيَّدٌ بِأُمُورٍ:

١ - أَنْ لَا يُشْرِكَ بِاللهِ تَعَالَى شَيئًا (٢).

٢ - أَنْ يَمُوتَ عَلَى ذَلِكَ لِقَولِهِ: ((لَقِيتَنِي)).

٣ - أَنَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِالمَشِيئَةِ لِقَولِ اللهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النِّسَاء: ٤٨].

- فَائِدَة ٢: اعْلَمْ أَنَّ مَا أَضَافَهُ اللهُ تَعَالَى إِلَى نَفْسِهِ يَنْقَسِمُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ (٣):


(١) لَمْ نَتَعَرَّضْ لِمَا تَسْتَلْزِمُهُ (شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) بِخُصُوصِهَا؛ لِأَنَّ كِتَابَ التَّوحِيدِ هَذَا -إِجْمَالًا- قَائِمٌ عَلَى بَيَانِهَا وَتَوضِيحِهَا.
(٢) وَأَيضًا؛ فَإِنَّ التَّوحِيدَ هُوَ سَبَبُ الشَّفَاعَاتِ، فَكُلَّمَا قَوِيَ التَّوحِيدُ كُلَّمَا زَادَتِ الشَّفَاعَةُ فِي حَقَّ العَبْدِ بِفَضْلِ اللهِ تَعَالَى، كَمَا فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ (٩٩) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ: ((أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَومَ القِيَامَةِ: مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَو نَفْسِهِ)).
(٣) بِتَصَرُّفٍ مِنْ كِتَابِ الجَوَابُ الصَّحِيحُ لِمَنْ بَدَّلَ دِينَ المَسِيحِ (٤/ ٧١) لِشَيخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
وَسَبَبُ الاشْتِبَاهِ فِي مِثْلِ هَذِهِ المَسَائِلِ هُوَ أَنَّهُ يُمْكِنُ التَّعْبِيرُ لُغَةً عَنِ المَفْعُولِ بِالصِّفَةِ، فَالمَطَرُ مَفْعُولٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى يَرْحَمُ بِهِ عِبَادَهُ، وَيَصِحُّ بِذَلِكَ وَصْفُ المَطَرِ بِأَنَّهُ رَحْمَةُ اللهِ؛ فَهُوَ مَخْلُوقٌ وَلَيسَ بِصِفَةٍ لَهُ سُبْحَانَهُ، وكَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى -عَنْ صِفَةِ الخَلْقِ مَثَلًا-: ﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [لُقْمَان: ١١]، وَلَكِنَّهُ فِي مَقَامٍ آخَرَ وَاعْتِبَارٍ آخَرَ يَكُونُ صِفَةً لَهُ
=

<<  <  ج: ص:  >  >>