للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُخَاطِبُهُم، وَقَدْ تَقْضِي حَوَائِجَهُم وَتَفْعَلُ لَهُم بَعْضَ الشَّيءِ الَّذِي يُرِيدُونَهُ؛ لِأَنَّهُم فَعَلُوا مَا تَرْضَاهُ الشَّيَاطِينُ، فَخَدَمُوهَا وَعَبَدُوهَا، فَيَأْتُونَ إِلَيهِم بِبَعْضِ النَّفْعِ (١).

٢ - عِلْمُ التَّأْثِيرِ: وَهُوَ الاسْتِدْلَالُ بِالأَحْوَالِ الفَلَكِيَّةِ عَلَى الحَوَادِثِ الأَرْضِيَّةِ، كَالاسْتِدْلَالِ بِمَوَاضِعِ النُّجُومِ مِنَ الاقْتِرْانِ وَالطُّلُوعِ عَلَى الأُمُورِ الَّتِي تَحْدُثُ فِي الأَرْضِ، وَهَذَا أَيضًا كُفْرٌ بِاللهِ تَعَالَى (٢).

وَلَكِنَّهُ عَلَى دَرَجَتَينِ:

أ- أَنْ يَجْعَلَهَا سَبَبًا يَدَّعِي بِهِ عِلْمَ الغَيبِ، فَيَسْتَدِلَّ بِحَرَكَاتِهَا وَتَنَقُّلَاتِهَا وَتَغَيُّرَاتِهَا عَلَى أَنَّهُ سَيَكُونُ كَذَا وَكَذَا (٣)، فَهَذَا اتَّخَذَ تَعَلُّمَ النُّجومِ وَسِيلَةً لِادِّعَاءِ عِلْمِ الغَيبِ، وَدَعْوَى عِلْمِ الغَيبِ كُفْرٌ مُخْرِجٌ عَنِ المِلَّةِ، لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ [النَّمْل: ٦٥]، وَهَذَا الأُسْلُوبُ اللُّغَوِيُّ فِي الحَصْرِ هُوَ مِنْ أَقْوَى أَنْوَاعِ الحَصْرِ، لِأَنَّهُ بِالنَّفِي وَالإِثْبَاتِ، فَإِذَا ادَّعَى أَحَدٌ عِلْمَ الغَيبِ؛ فَقَدْ كَذَّبَ القُرْآنَ.

ب- أَنْ يَجْعَلَهَا سَبَبًا لِحُدُوثِ الخَيرِ وَالشَّرِّ، أَي: أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ شَيءٌ نَسَبَهُ إِلَى النُّجُومِ، وَلَا يَنْسُبُ إِلَى النُّجُومِ شَيئًا إِلَّا بَعْدَ وُقُوعِهِ، فَهَذَا شِرْكٌ أَصْغَرُ؛


(١) مُسْتَفَادٌ مِنْ شَرْحِ الشَّيخِ الغُنَيمَانِ حَفِظَهُ اللهُ عَلَى كِتَابِ (فَتْحُ المَجِيدِ)، شَرِيطُ رَقَم (٧٦)، شَرْحُ البَابِ.
(٢) وَقَدْ تَغَيَّرَتِ الطُّرُقُ الآنَ عِنْدَ نَاسٍ مِنَ المُثَقَّفِينَ -زَعَمُوا-، فَيَكْتُبُونَ جَدَاوِلَ وَيَذْكُرُونَ الحَوَادِثَ الَّتِي تَحْدُثُ فِي هَذَا البُرْجِ، فَيَقُولُونَ: يَومُ كَذَا يَكُونُ كَذَا وَكَذَا، ومَنْ كَانَ مَولِدُهُ فِي اليَومِ الفُلَانِيِّ يَحْدُثُ لَهُ كَذَا وَكَذَا، وَهَذِهِ كُلُّهَا مِنَ الكُفْرِ وَالضَّلَالِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنْظَرَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا رَجْمٌ بِالغَيبِ.
(٣) مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: هَذَا الإِنْسَانُ سَتَكُونُ حَيَاتُهُ شَقَاءً لِأَنَّهُ وُلِدَ فِي وَقْتِ النَّجْمِ الفُلَانِيِّ، وَهَذَا حَيَاتُهُ سَتَكُونُ سَعِيدَةً لِأَنَّهُ وُلِدَ فِي النَّجْمِ الفُلَانِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>