للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَأَمَّلْ قَولَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ ﵂ فِي حَقِّ الرَّسُولِ ﷺ: (وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُخْبِرُ بِمَا يَكُونُ فِي غَدٍ؛ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الفِرْيَةَ، وَاللَّهُ يَقُولُ: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيبَ إِلَّا اللَّهُ﴾) (١)، حَيثُ جَعَلَتْ ادِّعَاءَ ذَلِكَ فِي حَقِّ النَّبِيِّ ﷺ افْتِرَاءً عَظِيمًا عَلَى اللهِ تَعَالَى؛ وَلَيسَ فَقَطْ عَلَى الرَّسُولِ! وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّ الشِّرْكَ مَعَ اللهِ تَعَالَى فِي صِفَاتِهِ هُوَ تَنَقُّصٌ لِلرَّبِّ ﷾.

- قَولُهُ: (فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ): أَي: بِالقُرْآنِ، لِقَولِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ [النَّمْل: ٦٥].

- أَثَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ المَوقُوفُ هُوَ بِلَفْظِ: (مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَو سَاحِرًا أَو كَاهِنًا فَسَأَلَهُ فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ؛ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ)، وَلَهُ حُكْمُ الرَّفعِ، كَمَا قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ ﵀ فِي الفَتْحِ: "إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، ومِثْلُهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْي" (٢).

- قَولُهُ: (لَيسَ مِنَّا): إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ مِنَ الكَبَائِرِ، وَالكَبَائِرُ مِنْهَا مَا قَدْ يَكُونُ كُفْرًا مُخْرِجًا مِنَ المِلَّةِ، وَمِنْهُ مَا قَدْ يَكُونُ مَعْصِيَةً كَبِيرَةً.

- أَبُو يَعْلَى: هُوَ الإِمَامُ الحَافِظُ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ؛ المَوصِلِيُّ -نِسْبَةً إِلَى المَوصِل- صَاحِبُ التَّصَانِيفِ كَالمُسْنَدِ وَغَيرِهِ، (ت ٣٠٧ هـ).

- الكَاهِنُ لَا يَجُوزُ إِتْيَانُهُ وَلَو لِمُجَرَّدِ الاطِّلَاعِ عَلَى مَا عِنْدَهُ.

فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الحَكَمِ السُّلَميِّ عِنْدَمَا سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ عَمَّنْ يَأْتُونَ الكُهَّانَ فَقَالَ لَهُ: ((لَا تَأْتِهِم)) (٣).


(١) البُخَارِيُّ (٤٨٥٥)، وَمُسْلِمٌ (١٧٧).
(٢) فَتْحُ البَارِي (١٠/ ٢١٧).
(٣) مُسْلِمٌ (٥٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>