قَالَ أَبُو حَيَّانَ الأَنْدَلُسِيُّ ﵀ فِي تَفْسِيرِهِ البَحْرُ المُحِيطُ (٣/ ١٣٢): "فَاطِّلَاعُ الرَّسُولِ عَلَى الغَيبِ هُوَ بِإِطْلَاعِ اللهِ تَعَالَى بِوَحْيٍ إِلَيهِ، فَيُخْبَرُ بِأَنَّ فِي الغَيبِ كَذَا مِنْ نِفَاقِ هَذَا وَإِخْلَاصِ هَذَا، فَهُوَ عَالِمٌ بِذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الوَحِي، لَا مِنْ جِهَةِ اطِّلَاعِهِ نَفْسِهِ مِنْ غَيرِ وَاسِطَةِ وَحْيٍ عَلَى المُغَيَّبَاتِ".(١) قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ﴾ [التَّوبَة: ١٠١].وَقَالَ أَيضًا سُبْحَانَهُ: ﴿وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾ [الأَنْفَال: ٦٠].وَفِي الحَدِيثِ: ((إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ؛ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ؛ فَمَنْ قَضَيتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيئًا بِقَولِهِ؛ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ؛ فَلَا يَأْخُذْهَا)). رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٢٦٨٠) عَنْ أمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا.وَفِي الحَدِيثِ: ((أَلَا إِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي! فَيُقَالُ: لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ)). رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٤٧٤٠) عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ مَرْفُوعًا.وَكَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ فِي رَدِّهَا عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ؛ حَيثُ قَالَتْ ﵂: (وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ؛ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا﴾، وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ كَتَمَ؛ فَقَدْ كَذَبَ ثُمَّ قَرَأَتْ: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيكَ مِنْ رَبِّكَ﴾) البُخَارِيُّ (٤٨٥٥)، وَمُسْلِمٌ (١٧٧).(٢) أَي أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا مَتَى شَاءَ بِاخْتِيَارِهِ وَقَصْدِهِ؛ وَإِلَّا فَكُلُّ شَيءٍ مَقْرُونٌ بِحَولِ اللهِ تَعَالَى وَمَشِيئَتِهِ؛ فَلَا حَولَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute