أَحَدِهِمَا: أَنَّ الإِمَامَ كُلُّ مَا يُؤْتَمُّ بِهِ سَوَاءً كَانَ بِقَصْدِهِ وَشُعُورِهِ أَوْ لَا، وَمِنْهُ سُمِّيَ الطَّرِيقُ إِمَامًا كَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيكَةِ لَظَالِمِينَ * فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ﴾ [الحِجْر: ٧٨ - ٧٩] أَي: بِطَرِيقٍ وَاضِحٍ لَا يَخْفَى عَلَى السَّالِكِ، وَلَا يُسَمَّى الطَّرِيقُ أُمَّةً!الثَّانِي: أَنَّ الأُمَّةَ فِيهِ زِيَادَةُ مَعْنًى، وَهُوَ الَّذِي جَمَعَ صِفَاتِ الكَمَالِ مِن العِلْمِ وَالعَمَلِ بِحَيثُ بَقِيَ فِيهَا فَرْدًا وَحْدَهُ، فَهُوَ الجَامِعُ لِخِصَالٍ تَفَرَّقَتْ فِي غَيرِهِ، فَكَأَنَّهُ بَايَنَ غَيرَهُ بِاجْتِمَاعِهِا فِيهِ وَتَفَرُّقِهَا أَوْ عَدَمِهَا فِي غَيرِهِ، وَلَفْظُ (الأُمَّةُ) يُشْعِرُ بِهَذَا المَعْنَى لِمَا فِيهِ مِن المِيمِ المُضَعَّفَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الضَّمِّ بِمَخْرَجِهَا وَتَكْرِيرِهَا، وَكَذَلِكَ ضَمُّ أَوَّلِه؛ فَإِنَّ الضَّمَّةَ مِن الوَاوِ وَمَخْرَجِها يَنْضَمُّ عِنْدَ النُّطْقِ بِهَا، وَأَتَى بِالتَّاءِ الدَّالَّةِ عَلَى الوِحْدَةِ كَالغُرْفَةِ وَاللُّقْمَةِ، وَمِنْهُ الحَدِيثُ: ((إِنَّ زَيدَ بنَ عَمرِو بْنِ نُفَيلٍ يُبْعَثُ يَومَ القِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ))، فَالضَّمُّ وَالاجْتِمَاعُ لَازِمٌ لِمَعْنَى الأُمَّةِ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الأُمَّةُ الَّتِي هِي آحَادُ الأُمَمِ لأَنَّهُم النَّاسُ المُجْتَمِعُونَ عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ أَو فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ". مِفْتَاحُ دَارِ السَّعَادَةِ (١/ ١٧٤).قُلْتُ: وَالحَدِيثُ المَذْكُورُ رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى (٩٧٣)، وَأَوْرَدَهُ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ ﵀ فِي صَحِيحِ السِّيرَةِ (ص ٩٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute