مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (٦٧٧).قَالَ ابْنُ حِبَّانَ ﵀ فِي صَحِيحِهِ (١٢/ ١٦٧): "يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى هَذَا الخَبَرِ: مَنْ لَقِيَ اللهَ مُدْمِنَ خَمْرٍ مُسْتَحِلًّا لِشُرْبِهِ؛ لَقِيَهُ كَعَابِدِ وَثَنٍ، لِاسْتِوَائِهِمَا فِي حَالَةِ الكُفْرِ".(١) وَلِأَنَّ تَأْوِيلَهَا يُبْطِلُ مَفَادَهَا مِنْ وُقُوعِ الزَّجْرِ فِي النُّفُوسِ، وَهَذَا القَولُ حَقِيقَتُهُ بَيَانُ كَيفِيَّةِ اسْتِخْدَامِ هَذِهِ النُّصُوصِ؛ لَا أَنَّهَا مَجْهُولَةُ المَعْنَى عِنْدَنَا! وَلَكِنَّ الخَوضَ فِي بَيَانِهَا وَجَمْعِهَا مَعَ سَائِرِ النُّصُوصِ مُضْعِفٌ لِأَثَرِهَا فِي الزَّجْرِ كَمَا ذَكَرْنَا.قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ ﵀ فِي كِتَابِهِ (الفُرُوعُ) (١٠/ ٢١٣): "وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَقَّى الكَلَامَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ النُّصُوصِ تَوَرُّعًا، وَيَمُرُّهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيرِ تَفْسِيرٍ؛ مَعَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ المَعَاصِيَ لَا تُخْرِجُ عَنِ المِلَّةِ".وَقَالَ صَاحِبُ فَتْحِ المَجِيدِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى (ص ٣٢٠): "قَولُهُ: (ثَلَاثةٌ لَا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ): هَذَا مِنْ نُصُوصِ الوَعِيدِ الَّتِي كَرِهَ السَّلَفُ تَأْوِيلَهَا، وَقَالُوا: أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ، وَمَنْ تَأَوَّلَهَا فَهُوَ عَلَى خَطَرٍ مِنَ القَولِ عَلَى اللهِ بِلَا عِلْمٍ.وَأَحْسَنُ مَا يُقَالُ: إنَّ كُلَّ عَمَلٍ دُونَ الشِّرْكِ وَالكُفْرِ -المُخْرِجِ عَنْ مِلَّةِ الإِسْلَامِ-؛ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى مَشِيئَةِ اللهِ، فَإِنْ عَذَّبَهُ فَقَدِ اسْتَوجَبَ العَذَابَ، وَإِنْ غَفَرَ لَهُ فَبِفَضْلِهِ وَعَفْوِهِ وَرَحْمَتِهِ".(٢) قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ ﵀ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (١٦/ ١١٣) عِنْدَ شَرْحِ حَدِيثِ: ((لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ)): "هَذَا الحَدِيثُ يُتَأَوَّلُ بِتَأْوِيلَينِ:أَحَدِهِمَا: حَمْلُهُ عَلَى مَنْ يَسْتَحِلُّ القَطِيعَةَ بِلَا سَبَبٍ وَلَا شُبْهَةٍ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِهَا، فَهَذَا كَافِرٌ يُخَلُّدُ فِي النَّارِ وَلَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ أَبَدًا.وَالثَّانِي: مَعْنَاهُ لَا يَدْخُلُهَا فِي أَوَّلِ الأَمْرِ مَعَ السَّابِقِينَ، بَلْ يُعَاقَبُ بِتَأَخُّرِهِ القَدْرَ الَّذِي يُرِيدُهُ اللهُ تَعَالَى".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute