للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ وَيَرْجِعَ إِلَى تَكْمِيلِ المَحَبَّةِ الوَاجِبَةِ، وَإِنَّ جَمِيعَ المَعَاصِي تَنْشَأُ عَنْ تَقْدِيمِ هَوَى النَّفْسِ عَلَى مَحَبَّةِ اللهِ وَرَسُولِهِ (١) (٢).

٢ - مَحَبَّةُ إِشْفَاقٍ وَرَحْمَةٍ، وَذَلِكَ كَمَحَبَّةِ الأَولَادِ وَالصِّغَارِ وَالضُّعَفَاءِ وَالمَسَاكِينَ.

٣ - مَحَبَّةُ إِجْلَالٍ وَتَعْظِيمٍ وَتَوقِيرٍ، كَمَحَبَّةِ الإِنْسَانِ لِوَالِدِهِ وَلِمُعَلِّمِهِ.

٤ - مَحَبَّةٌ طَبِيعِيَّةٌ، كَمَحَبَّةِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالمَلْبَسِ وَالمَرْكَبِ وَالمَسْكَنِ.


(١) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ فِي كِتَابِهِ جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ (٢/ ٣٩٧) -شَرْحُ حَدِيثِ رَقَم (٤١) -: "فَجَمِيعُ المَعَاصِي تَنْشَأُ مِنْ تَقْدِيمِ هَوَى النُّفُوسِ عَلَى مَحَبَّةِ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَقَدْ وَصَفَ اللهُ المُشْرِكِينَ بِاتِّبَاعِ الهَوَى فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ﴾ [القَصَص: ٦٤]. وَكَذَلِكَ البِدَعُ؛ إِنَّمَا تَنْشَأُ مِنْ تَقْدِيمِ الهَوَى عَلَى الشَّرْعِ، وَلِهَذَا يُسَمَّى أَهْلُهَا أَهْلَ الأَهْوَاءِ، وَكَذَلِكَ المَعَاصِي؛ إِنَّمَا تَقَعُ مِنْ تَقْدِيمِ الهَوَى عَلَى مَحَبَّةِ اللهِ وَمَحَبَّةِ مَا يُحِبُّهُ اللهُ".
(٢) فَائِدَةٌ: قَالَ الشَّيخُ السَّعْدِيُّ فِي التَّفْسِيرِ (ص ١٨٩) -عِنْدَ قَولِهِ تَعَالَى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيهِمْ حَفِيظًا * وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ [النِّسَاء: ٨٠ - ٨١]-: "أَي: كُلُّ مَنْ أَطَاعَ رَسُولَ اللهِ فِي أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ تَعَالَى لِكَونِهِ لَا يَأْمُرُ وَلَا يَنْهَى إِلَّا بِأَمْرِ اللهِ وَشَرْعِهِ وَوَحْيِهِ وَتَنْزِيلِهِ، وَفِي هَذَا عِصْمَةُ الرَّسُولِ ، لِأَنَّ اللهَ أَمَرَ بِطَاعَتِهِ مُطْلَقًا؛ فَلَولَا أَنَّهُ مَعْصُومٌ فِي كُلِّ مَا يُبَلِّغُ عَنِ اللهِ لَمْ يَأْمُرْ بِطَاعَتِهِ مُطْلَقًا وَيَمْدَحْ عَلَى ذَلِكَ! وَهَذَا مِنَ الحُقُوقِ المُشْتَرَكَةِ؛ فَإنَّ الحُقُوقَ ثَلَاثَةٌ:
حَقٌّ للهِ تَعَالَى لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ مِنَ الخَلْقِ: وَهُوَ عِبَادَةُ اللهِ وَالرَّغْبَةُ إِلَيهِ، وَتَوَابِعُ ذَلِكَ.
وَقِسْمٌ مُخْتَصٌّ بِالرَّسُولِ: وَهُوَ التَّعْزِيرُ وَالتَّوقِيرُ وَالنُّصْرَةُ.
وَقِسْمٌ مُشْتَرَكٌ: وَهُوَ الإِيمَانُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَحَبَّتُهُمَا وَطَاعَتُهُمَا، كَمَا جَمَعَ اللهُ بَينَ هَذِهِ الحُقُوقِ فِي قَولِهِ: ﴿لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الفَتْح: ٩] ".

<<  <  ج: ص:  >  >>