للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- مُنَاسَبَةُ البَابِ لِمَا قَبْلَهُ أَنَّ المُؤَلِّفَ أَعْقَبَ بَابَ المَحَبَّةِ بِبَابِ الخَوفِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَرْكَانِ العِبَادَةِ، فَبِالمَحَبَّةِ يَكُونُ امْتِثَالُ الأَمْرِ، وَبِالخَوفِ يَكُونُ اجْتِنَابُ النَّهْي.

- إِنَّ عِبَادَةَ الخَوفِ نَاشِئَةٌ فِي قَلْبِ المُسْلِمِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِرُبُوبِيَّةِ اللهِ تَعَالَى وَتَصَرُّفِهِ وَمُلْكِهِ لِكُلِّ شَيءٍ سُبْحَانَه (١).

- الخَوفُ مِنْ غَيرِ اللهِ تَعَالَى يِنْقَسِمُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: إِلَى مَا هُوَ شِرْكٌ؛ وَإِلى مَا هُوَ مُحَرَّمٌ؛ وَإِلى مَا هُوَ مُبَاحٌ.

١ - الخَوفُ الشِّرْكِيُّ: وَهُوَ خَوفُ السِّرِّ (خَوفُ التَّعْظِيمِ، خَوفُ العُبُودِيَّةِ) يَعْنِي أَنْ يَخَافَ فِي دَاخِلِهِ مِنْ هَذَا المُخَوَّفِ مِنْهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّهُ بِسُوءٍ، وَهَذَا النَّوعُ مُنَافٍ لِأَصْلِ التَّوحِيدِ.


=
قَالَ شَيخُ الإِسْلَامِ فِي مَجْمُوعِ الفَتَاوَى (١٢/ ٥٠٠): "وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَتَكْفِيرُ المُعَيَّنِ مِنْ هَؤُلَاءِ الجُهَّالِ وَأَمْثَالِهِمْ -بِحَيثُ يُحْكَمُ عَلَيهِ بِأَنَّهُ مِنَ الكُفَّارِ- لَا يَجُوزُ الإِقْدَامُ عَلَيهِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ تَقُومَ عَلَى أَحَدِهِمُ الحُجَّةُ الرِّسَالِيَّةُ الَّتِي يَتَبَيَّنُ بِهَا أَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لِلرُّسُلِ -وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ المَقَالَةُ لَا رَيبَ أَنَّهَا كُفْرٌ-، وَهَكَذَا الكَلَامُ فِي تَكْفِيرِ جَمِيعِ المُعَيَّنِينَ، مَعَ أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ البِدْعَةِ أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ، وَبَعْضُ المُبْتَدِعَةِ يَكُونُ فِيهِ مِنَ الإِيمَانِ مَا لَيسَ فِي بَعْضٍ، فَلَيسَ لِأَحَدِ أَنْ يُكَفِّرَ أَحَدًا مِنَ المُسْلِمِينَ -وَإِنْ أَخْطَأَ وَغَلِطَ- حَتَّى تُقَامَ عَلَيهِ الحُجَّةُ وَتُبَيَّنَ لَهُ المَحَجَّةُ، وَمَنْ ثَبَتَ إيمَانُهُ بِيَقِينٍ لَمْ يَزُلْ ذَلِكَ عَنْهُ بِالشَّكِّ! بَلْ لَا يَزُولُ إِلَّا بَعْدَ إقَامَةِ الحُجَّةِ وَإِزَالَةِ الشُّبْهَةِ".
(١) كَمَا فِي الحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: ((يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدُهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنتَ فَاسْتَعِن بِاللهِ، وَاعْلَم أَنَّ الأُمّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنفَعُوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وإِنْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَضَرُّوكَ إِلَّا بشَيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ عَلَيكَ، رُفعَتِ الأَقْلامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ)). صَحِيحٌ. أَحْمَدُ (٢٨٠٣)، وَالتِّرْمِذِيُّ (٢٥١٦). صَحِيحُ الجَامِعِ (٧٩٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>