- قَولُهُ تَعَالَى: ﴿فَعَسَى﴾ (عَسَى) لُغَةً: حَرْفُ تَرَجٍّ، وَلَكِنَّهَا مِنَ اللهِ وَاجِبَةٌ لِأَنَّهَا وَعْدٌ مِنَ اللهِ ﷾؛ وَاللهُ لَا يُخْلِفُ وَعْدَهُ، وَلِهَذَا يَقُولُ العُلَمَاءُ: كُلُّ (عَسَى) مِنَ اللهِ فَهِيَ وَاجِبَةٌ، كَمَا فِي الأَثَرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (١).
- قَولُهُ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ هُوَ قَولٌ مُجَرَّدٌ لَيسَ لَهُ حَقِيقَةٌ فِي قَلْبِهِ، ﴿فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ﴾ أَي: إِذَا جَاءَ الامْتِحَانُ -وَكُلُّ المُؤْمِنِينَ يُمْتَحَنُونَ وَلَا يُتْرَكُونَ عَلَى قَولِ ﴿آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ فَقَطْ- ظَهَرَ الصَّادقُ فِي إِيمَانِهِ مِنَ الكَاذِبِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾ [العَنْكَبُوت: ٢] يَعْنِي: يُخْتَبَرُونَ وَيُمْتَحَنُونَ، ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾، فَإِذَا قَالَ: (آمَنْتُ بِاللهِ) فَإِنَّه يُمْتَحَنُ بِأَنْ يُصَابَ بِالأَذَى مِنَ الكُفَّارِ وَالمُنَافِقِينَ وَالفُسَّاقِ؛ فَإِنْ صَبَرَ وَثَبَتَ عَلَى إِيمَانِهِ وَتَحَمُّلِ الأَذَى فِي سَبِيلِ اللهِ ﷿؛ فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِ إِيمَانِهِ، أمَّا إِنِ انْحَرَفَ وَذَهَبَ مَعَ الفِتْنَةِ؛ فَإِنَّ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى نِفَاقِهِ.
وَهُوَ أَيضًا كَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ﴾ يَعْنِي عَلَى طَرَفٍ ﴿فَإِنْ أَصَابَهُ خَيرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ [الحَجّ: ١١].
(١) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ (١٤/ ١٦٨) عِنْدَ قَولِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾ [التَّوبَة: ١٨].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute