مِنْ آثَارِ إِرَادَتِهِ الدَّارَ الآخِرَةَ.وَلَكِنَّ هَذَا الشَّقِيَّ الَّذِي كَأَنَّهُ خُلِقَ لِلدُّنْيَا وَحْدِهَا: ﴿نُوَفِّ إِلَيهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا﴾ أَي: نُعْطِيهِم مَا قُسِمَ لَهُم فِي أُمِّ الكِتَابِ مِنْ ثَوَابِ الدُّنْيَا ﴿وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ﴾ أَي: لَا يُنْقَصُونَ شَيئًا مِمَّا قُدِّرَ لَهُم؛ وَلَكِنْ هَذَا مُنْتَهَى نَعِيمِهِم".(١) قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُم فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ﴾ [الأَحْقَاف: ٢٠].وَكَمَا فِي البُخَارِيِّ (٢٤٦٨)، وَمُسْلِمٌ (١٤٧٩) مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ ﵁؛ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ: اُدْعُ اللهَ أَنْ يُوسِّعَ عَلَى أُمَّتِكِ؛ فَقَدْ وَسَّعَ عَلَى فَارِسَ وَالرُّومَ؛ وَهُمْ لَا يعْبُدُونَ اللهَ! فَاسْتَوَى جَالِسًا، ثُمَّ قَالَ: ((أَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الخَطَّابِ؟! أُولَئِكَ قَومٌ عُجِّلَتْ لَهُم طَيِّبَاتُهم فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا)).(٢) مُسْلِمٌ (٢٨٠٨) عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا.وَرَوَى الطَّبَرِيُّ فِي التَّفْسِيرِ (١٥/ ٢٦٤) عَنْ قَتَادَةَ قَولَهُ: " ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ﴾ أَي: لَا يُظْلَمُونَ. يَقُولُ: مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ وَسَدَمَهُ [أَي: وَلَعَهُ] وَطِلْبَتَهُ وَنِيَّتَهُ جَازَاهُ اللهُ بِحَسَنَاتِهِ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ يُفْضِي إِلَى الآخِرَةِ وَلَيسَ لَهُ حَسَنَةٌ يُعْطَى بِهَا جَزَاءً. وَأَمَّا المُؤْمِنُ؛ فَيُجَازَى بِحَسَنَاتِهِ فِي الدُّنْيَا وَيُثَابُ عَلَيهَا فِي الآخِرَةِ ﴿وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ﴾ أَي: فِي الآخِرَةِ لَا يُظْلَمُونَ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute