للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ عَدِيٍّ بْنِ حَاتِمٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ يَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التَّوبَة: ٣١]، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ! قَالَ: ((أَلَيسَ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللهُ فَتُحَرِّمُونَهُ، وَيُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَتُحِلُّونَهُ؟) فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَ: ((فَتِلْكَ عِبَادَتُهُم)). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ (١).


=
وَرَوَاهُ بِإِسْنَادِهِ ابْنُ بَطَّةَ العُكْبَرِيُّ فِي كِتَابِهِ الإبانَةُ الكُبْرَى (١/ ٢٦٠) عَنِ الفَضْلِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: "سَمَعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ؛ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ يَقُولُ: نَظَرْتُ فِي المُصْحَفِ فَوَجَدْتُ فِيهِ طَاعَةَ رَسُولِ اللهِ فِي ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ مَوضِعًا، ثُمَّ جَعَلَ يَتْلو: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النُّور: ٦٣]، وَجَعَلَ يُكَرِّرُهَا، وَيَقُولُ: ومَا الفِتْنَةُ؟ الشِّرْكُ. لَعَلَّهُ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ شَيءٌ مِنَ الزَّيغِ فَيَزِيغَ فيُهْلِكَهُ. وَجَعَلَ يَتْلُو هَذِهِ الآيَةَ ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَينَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النِّسَاء: ٦٥] ".
قُلْتُ: وَأَمَّا سُفْيَانُ هُنَا؛ فَقَدْ ذَكَرُوا فِي شُرُوحِ كِتَابِ التَّوحِيدِ أَنَّهُ الثَّورِيُّ.
(١) صَحِيحٌ. الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ (١٧/ ٩٢ - ح ٢١٨) وَالتِّرْمِذِيُّ (٣٠٩٥) وَحَسَّنَهُ. الصَّحِيحَةُ (٣٢٩٣).
وَلَفْظُهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ قَالَ: أَتَيتُ النَّبيِّ وَفي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: ((يَا عَدِيُّ؛ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الوَثَنَ))، وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾، قَالَ: ((أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيئًا اسْتَحَلُّوهُ، وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيهِمْ شَيئًا حَرَّمُوهُ)).
وَلَمْ أَجِدْهُ فِي أَحْمَدَ -إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ أَصْلَ الحَدِيثِ-، وَلَمْ أَرَ مَنْ عَزَاهُ إِلَيهِ فِي تَخْرِيجِهِ أَيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>