للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [المُلْك: ٢٩].

﴿وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ﴾ [الأَنْبِيَاء: ٣٦] (١) (٢).

- قَالَ البَغَويُّ فِي التَّفْسِيرِ: "قَالَ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ وَابْنُ جُرَيجٍ: الآيَةُ مَدَنِيَّةٌ نَزَلَتْ فِي صُلْحِ الحُدَيبِيَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ سُهَيلَ بْنَ عَمْرٍو لَمَّا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَكْتُبُوا كِتَابَ الصُّلْحِ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ لِعَلِيٍّ : ((اكْتُبْ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قَالُوا: لَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ إِلَّا صَاحِبَ اليَمَامَةِ -يَعْنُونَ مُسَيلِمَةَ الكَذَّابَ-! اكْتُبْ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، فَهَذَا مَعْنَى قَولِهِ: ﴿وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ﴾ " (٣).

- إَنَّ تَأْوِيلَ المُعطِّلَةِ لِصَفَةِ الرَّحْمَةِ أَخْطَرُ مِنْ جَحْدِ المُشْرِكِينَ لِاسْمِ الرَّحْمَنِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ المُشْرِكِينَ أَنْكَرُوا الاسْمَ فَقَطْ وَلَمْ يُنْكِروا المَعْنَى؛ بِخِلَافِ المُعَطِّلَةِ فَهُم أَنْكَرُوا المَعْنَى -وَإِنْ أَثْبَتُوا الاسْمَ-، وَلَا يَخْفَى أَنَّ المَقْصُودَ مِنَ الاسْمِ مَعْنَاهُ وَلَيسَ


=
رَحِيمُ))، فَقَالَ: إِنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَدْعُو وَاحِدًا؛ وَهُوَ يَدْعُو اثْنَينِ! فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ. وَكَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَوَاهُمَا ابْنُ جَرِيرٍ".
قُلْتُ: وَأَثَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ عَنْهُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الفَتْحِ (١٣/ ٣٦٠): "رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوِيه بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ".
(١) قَالَ البَغَويُّ فِي التَّفْسِيرِ (٥/ ٣١٨): "وَذَلِكَ أَنَّهُم كَانُوا يَقُولُونَ: لَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ إِلَّا مُسَيلِمَةَ"!
(٢) وَقَدْ أَوَّلَ هَذِهِ الصِّفَةَ الأَشَاعِرَةُ وَلَمْ يُثْبِتُوا مَعْنَاهَا للهِ تَعَالَى؛ فَجَعَلُوهَا دَالَّةً عَلَى الضَّعْفِ وَاللِّينِ! وَسَيَأْتِي الكَلَامُ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ.
(٣) تَفْسِيرُ البَغَوِيِّ (٤/ ٣١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>