مِثَالُ ذَلِكَ: (العَزِيزُ الحَكِيمُ)، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَجْمَعُ بَينَهُمَا فِي القُرْآنِ كَثِيرًا، فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا دَالًّا عَلَى الكَمَالِ الخَاصِّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ وَهُوَ العِزَّةُ فِي العَزِيزِ، وَالحِكْمَةُ فِي الحَكِيمِ، وَالجَمْعُ بَينَهُمَا دَالٌّ عَلَى كَمَالٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ عِزَّتَهُ تَعَالَى مَقْرُونَةٌ بِالحِكْمَةِ، فَعِزَّتُهُ لَا تَقْتَضِي ظُلْمًا وَجَورًا كَسُوءِ فِعْلٍ! كَمَا قَدْ يَكُونُ مِنْ أَعِزَّاءِ المَخْلُوقِينَ، فَإِنَّ العَزِيزَ مِنْهُم قَدْ تَأْخُذُهُ العِزَّةُ بِالإِثْمِ فَيَظْلُمُ وَيَجُورُ وَيُسِيءُ التَّصَرُّفَ، وَكَذَلِكَ حُكْمُهُ تَعَالَى وَحِكْمَتُهُ مَقْرُونَانِ بِالعِزِّ الكَامِلِ بِخِلَافِ حِكْمَةِ المَخْلُوقِ فَإِنَّهَا قَدْ يَعْتَرِيهَا الذُلُّ.
٢ - أَسْمَاءُ اللهِ تَعَالَى أَعْلَامٌ وَأَوصَافٌ:
فَهِيَ أَعْلَامٌ بِاعْتِبَار دِلَالَتِهَا عَلَى الذَّاتِ، وَأَوصَافٌ بِاعْتِبَارِ مَا دَلَّتْ عَلَيهِ مِنَ المَعَانِي، وَهِيَ بِالاعْتِبَارِ الأَوَّلِ مُتَرَادِفَةٌ لِدِلَالَتِهَا عَلَى مُسَمًّى وَاحِدٍ وَهُوَ اللهُ ﷿، وَبِالاعْتِبَارِ الثَّانِي مُتَبَايِنَةٌ لِدِلَالَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَعْنَاهُ الخَاصِّ، فَـ (الحَيُّ، العَلِيمُ، القَدِيرُ، السَّمِيعُ، البَصِيرُ، الرَّحْمَنُ، الرَّحِيمُ، العَزِيزُ، الحَكِيمُ) كُلُّهَا أَسْمَاءٌ لِمُسَمًّى وَاحِدٍ وَهُوَ اللهُ ﷾، لَكِنَّ مَعْنَى الحَيِّ غَيرُ مَعْنَى العَلِيمِ، وَمَعْنَى العِلِيمِ غَيرُ مَعْنَى القَدِيرِ، وَهَكَذَا.
٣ - أَسْمَاءُ اللهِ تَعَالَى إِنْ دَلَّتْ عَلَى وَصْفٍ مُتَعَدٍّ؛ لَزِمَ إِثْبَاتُهُ، أَي: ثُبُوتُ حُكْمِهِ وَمُقْتَضَاهُ.
مِثَالُ ذَلِكَ: (السَّمِيعُ) يَتَضَمَّنُ إِثْبَاتَ السَّمِيعِ اسْمًا للهِ تَعَالَى، وَإِثْبَاتَ السَّمْعِ صِفَةً لَهُ، وَإِثْبَاتَ حُكْمِ ذَلِكَ وَمُقْتَضَاهُ وَهُوَ أَنَّهُ يَسْمَعُ أَيضًا السِّرَّ وَالنَّجْوَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [المُجَادِلَة: ١].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute