للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا لِقَولِهِ فِي الحَدِيثِ: ((أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ؛ سَمَّيتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَو أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ استَأثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الغَيبِ عِنْدَكَ: أَنْ تَجْعَلَ القُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي)) (١)، وَمَا اسْتَأْثَرَ اللهُ تَعَالَى بِهِ فِي عِلْمِ الغَيبِ لَا يُمْكِنُ لِأَحَدٍ حَصْرُهُ وَلَا الإِحَاطَةُ بِهِ (٢).

وَلَمْ يَصِحَّ عَنِ النَّبِيِّ تَعْيِينُ هَذِهِ الأَسْمَاءِ، وَالحَدِيثُ المَرْوِيُّ عَنْهُ فِي تَعْيِينِهَا ضَعِيفٌ (٣).

٧ - الإِلْحَادُ فِي أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى هُوَ المَيلُ بِهَا عَمَّا يَجِبُ فِيهَا. وَهُوَ أَنْوَاعٌ:

الأوَّلُ: أَنْ يُنْكِرَ شَيئًا مِنْهَا أَو مِمَّا دَلَّتْ عَلَيهِ مِنَ الصِّفَاتِ وَالأَحْكَامِ، كَمَا فَعَلَ أَهْلُ التَّعْطِيلُ مِنَ الجَهْمِيَّةِ وَغَيرِهِم.

وَإنَّمَا كَانَ ذَلِكَ إِلْحَادًا لِوُجُوبِ الإِيمَانِ بِهَا وَبِمَا دَلَّتْ عَلَيهِ مِنَ الأَحْكَامِ


(١) صَحِيحٌ. أَحْمَدُ (٣٧١٢) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (١٩٩).
(٢) وَأَمَّا حَدِيثُ: ((إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا .... ))، فَقَدْ قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (٥/ ١٧): "وَاتَّفَقَ العُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذَا الحَدِيثَ لَيسَ فِيهِ حَصْرٌ لِأَسْمَائِهِ ، فَلَيسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَيسَ لهُ أَسْمَاءٌ غَيرَ هَذِهِ التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ! وَإِنَّمَا مَقْصُودُ الحَدِيثِ أَنَّ هَذِهِ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ: مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ. فَالمُرَادُ الإِخْبَارُ عَنْ دُخُولِ الجَنَّةِ بِإِحْصَائِهَا لَا الإِخْبَارُ بِحَصْرِ الأَسْمَاءِ، ولِهَذَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ الآخَرِ: ((أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَو أنْزَلتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الغَيبِ عِنْدَكَ)) ".
قُلْتُ: وَكَذَا القَولُ فِي حَدِيثِ البُخَارِيِّ (٢٧٩٠) ((إِنَّ فِي الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ؛ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)).
يُنْظَرُ كِتَابُ (حَادِي الأَرْوَاحِ) لِابْنِ القَيِّمِ (ص ٦٦).
(٣) قَالَ الحَافِظُ فِي بُلُوغِ المَرَامِ (ص ٤١٩): "وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ سَرْدَهَا إِدْرَاجٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>