للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَونِهِ فِي السَّمَاءِ، كَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ﴾ [المُلْك: ١٦] (١) (٢).

ب- وَتَارَةً بِلَفْظِ صُعُودِ الأَشْيَاءِ وَعُرُوجِهَا وَرَفْعِهَا إِلَيهِ، كَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿إِلَيهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فَاطِر: ١٠]، وَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيهِ﴾ [المَعَارِج: ٤]، وَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ﴾ [آلِ عِمْرَان: ٥٥].

ج- وَتَارَةً بِلَفْظِ نُزُولِ الأَشْيَاءِ مِنْهُ، كَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ﴾ [النَّحْل: ١٠٢]، وَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ﴾ [السَّجْدَة: ٥] (٣)


(١) قَالَ البَيهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ الأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ (٢/ ٣٢٤): "بَابُ قَولِ اللهِ ﷿: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ [المُلْك: ١٦] قَالَ الشَّيخُ أَبُو بَكْرٍ؛ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ الفَقِيهُ: قَدْ تَضَعُ العَرَبُ (فِي) بِمَوضِعِ (عَلَى)، قَالَ اللهُ ﷿: ﴿فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ﴾ [التَّوبَة: ٢] وَقَالَ: ﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾ [طَه: ٧١] وَمَعْنَاهُ: عَلَى الأَرْضِ وَعَلَى النَّخْلِ، فَكَذَلِكَ قَولُهُ: ﴿فِي السَّمَاءِ﴾ أَي: عَلَى العَرْشِ فَوقَ السَّمَاءِ".
(٢) وَأَمَّا مَنْ جَعَلَ المَقْصُودَ فِي الآيَةِ الأَخِيرَةِ المَلَائِكَةَ! فَيُرَدُّ عَلَيهِ مِنْ وَجْهَينِ:
أ- قَولُهُ تَعَالَى: ﴿أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ العَذَابُ مِنْ حَيثُ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [النَّحْل: ٤٥] حَيثُ بَيَّنَ أَنَّهُ هُوَ الفَاعِلُ سُبْحَانَهُ لِلخَسْفِ وَلَيسَ المَلَائِكَةَ.
ب- أَنَّهَا عَلَى فَرْضِ كَونِ المَقْصُودِ بِهَا المَلَائِكَةُ، فَنَقُولُ قَدْ بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى أَنَّ المَلَائِكَةَ عِنْدَهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى كَونِهِ تَعَالَى فِي السَّمَاءِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ﴾ [الأَعْرَاف: ٢٠٦].
(٣) قُلْتُ: وَأَمَّا اعْتِرَاضُ بَعْضِهِم بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ ذَكَرَ إِنْزَالَ الحَدِيدِ وَالأَنْعَامِ وَالمَطَرِ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِثْلُ إِنْزَالِ القَرْآنِ؛ فَهِيَ لَا تَدُلُّ عَلَى العُلُوِّ!
فَالجَوَابُ:
إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ الإِنْزَالَ -فِي القُرْآنِ- عَلَى ثَلَاثِةِ أَشْكَالٍ:
=

<<  <  ج: ص:  >  >>