للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - مَا يَصِحُّ أَنْ يُوصَفَ بِهِ غَيرُ اللهِ، مِثْلَ: الرَّحِيمُ، السَّمِيعُ، البَصِيرُ، فَإِنْ لُوحِظَتِ الصِّفَةُ مَعَهَا مُنِعَ مِنَ التَّسَمِّي بِهَا، وَإِنْ لَمْ تُلَاحَظِ الصِّفَةُ جَازَ التَّسَمِّي بِهِ عَلَى أَنَّهُ عَلَمٌ مَحْضٌ (١).

وَدِلَالَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ كَانَ اسْمُهُ: (الحَكَمُ، وَحَكِيمٌ) وَلَمْ يُغَيِّرْهُ النَّبِيُّ كَمَا غَيَّرَ اسْمَ أَبِي الحَكَمِ! وَذَلِكَ لِأَنَّه عَلَمٌ مَحْضٌ (٢).

- قَالَ العَلَّامَةُ ابْنُ القَيِّمِ : "وَأَمَّا الأَسْمَاءُ الَّتِي تُطْلَقُ عَلَيهِ وَعَلَى غَيرِهِ -كَالسَّميعِ وَالبَصِيرِ وَالرَّؤُوفِ وَالرَّحِيمِ- فَيَجُوزُ أَنْ يُخْبَرَ بِمَعَانِيهَا عَنِ المَخْلُوقِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتَسَمَّى بِهَا عَلَى الإِطْلَاقِ؛ بِحَيثُ يُطْلَقُ عَلَيهِ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى الرَّبِّ تَعَالَى" (٣).

وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ : "وَأَمَّا الرَّبُّ فَهِيَ كَلِمَةٌ -وَإِنْ كَانَتْ مُشْتَرِكَةً؛ وَتَقَعُ عَلَى غَيرِ الخَالِقِ لِقَولِهِمْ: (رَبُّ الدَّابَّةِ، وَرَبُّ الدَّارِ) وَيُرَادُ صَاحِبُهَا-؛ فَإِنَّهَا لَفْظَةٌ تَخْتَصُّ بِاللَّهِ ﷿ فِي الأَغْلَبِ وَالأَكْثَرِ، فَوَجَبَ أَلَّا تُسْتَعْمَلَ فِي المَخْلُوقِينَ؛ لِنَفْيِ اللهِ ﷿ الشَّرِكَةَ بَينَهُمْ وَبَينَ اللهِ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِأَحَدٍ غَيرِ اللهِ (إلَهٌ) وَلَا (رَحْمَنٌ)، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ (رَحِيمٌ) لِاخْتِصَاصِ اللهِ بِهَذِهِ الأَسْمَاءِ، فَكَذَلِكَ الرَّبُّ لَا يُقَالُ لِغَيرِ اللهِ" (٤).


(١) القَولُ المُفِيدُ (٢/ ٢٦١).
(٢) كالحَكَمِ بْنِ الحَارثِ السُّلَمِيِّ، وَالحَكَمِ بْنِ سَعِيدٍ بْنِ العَاصِ، وَالحَكَمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيِّ، وَكَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَحَكِيمِ بْنِ الحَارِثِ الطَّائِفِيِّ، وَحَكِيمِ بْنِ طَليقٍ الأُمَوِيِّ، وَغَيرِهِم . انْظُرِ (الإِصَابَةُ) (٢/ ٨٦) لِابْنِ حَجَرٍ .
(٣) تُحْفَةُ المَودُودِ (ص ١٢٧).
(٤) شَرْحِ البُخَارِيِّ (٧/ ٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>