للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - التَّنْبِيهُ عَلَى الإِخْلَاصِ؛ وَذَلِكَ فِي أَنَّ الدَّاعِيَ إِلَى اللهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَمَلُهُ فِي دَعْوَتِهِ هُوَ لِابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ تَعَالَى، وَأَنْ لَا يُخَالِفَ فِعْلُهُ قَولَهُ (١).

- قَولُهُ: ﴿عَلَى بَصِيرَةٍ﴾ البَصِيرَةُ هِيَ العِلْمُ، فَالبَصِيرَةُ لِلقَلْبِ كَالبَصَرِ لِلعَينِ، يُبْصِرُ بِهَا الحَقَائِقَ.

- قَولُهُ: ﴿أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ دَلَّ عَلَى أَنَّ سَبِيلَ أَتْبَاعِ النَّبِيِّ الدَّعْوَةُ إِلَى تَوحِيدِ اللهِ تَعَالَى وَعَلَى بَيِّنَةٍ فِي دِينِهِم، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ أَيضًا عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الدَّاعِيَةِ أَنْ يَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ؛ أَي: عَلَى عِلْمٍ بِمَا يَدْعُو إِلَيهِ، أَمَّا الجَاهِلُ فَلَا يَصْلُحُ لِلدَّعْوَةِ (٢).

- فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بَيَانُ أَنَّ عَلَى الدَّاعِيَةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى أَنْ يَتَبَيَّنَ ثَلَاثَةَ أُمُورٍ فِي دَعْوَتِهِ:

١ - حَالَ المَدْعُوِّ: فَالَّذِينَ قُصِدُوا هُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، وَمَا عِنْدَهُم لَيسَ كَمَا عِنْدَ الوَثَنَيينَ! فلَزِمَ تَهَيُّؤُ النَّفْسِ لِشُبَهِهِم وَمَقَالَاتِهِم.

٢ - طَرِيقَةَ الدَّعْوَةِ: وَهِيَ التَدَرُّجَ فِي الدَّعْوَةِ بِحَسْبِ الأَهَمِّ فَالأَهَمِّ؛ وَأَنْ لَا يُنْتَقَلَ مِنْ أَمْرٍ إِلَى آخَرَ إِلَّا بَعْدَ الانْتِهَاءِ مِنَ الأَوَّلِ.

٣ - مَادَّةَ الدَّعْوَةِ: وَهِيَ التَّوحِيدُ فِي الأَوَّلِ، ثُمَّ الصَّلَاةُ، ثُمَّ الزَّكَاةُ.


(١) وَلِهَذَا قَالَ المُصَنِّفُ فِي مَسَائِلِ هَذَا البَابِ: فِي قَولِهِ: (إِلَى اللهِ): تَنْبِيهٌ عَلَى الإِخْلَاصِ؛ لِأَنَّ كَثِيرِينَ -وَإِنْ دَعَوا إِلَى الحَقِّ- فَإِنَّمَا يَدْعُونَ إِلَى أَنْفُسِهِم! أَي مِنْ جِهَةِ الرِّيَاءِ.
(٢) وَلَا يَخْفَى أَنَّ المُتَصَدِّرَ لِلدَّعْوَةِ إِلَى الإِسْلَامِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ شُرُوطٍ أُخَرَ؛ لَيسَ هَذَا مَوضِعُ ذِكْرِهَا.
وَهَذَا لَا يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَلِمَ شَيئًا مِنَ الحَقِّ أَنَّهُ لَا يُبَلِّغُهُ لِمَنْ لَا يَعْلَمُهُ! وَكَمَا فِي الحَدِيثِ: ((بَلِّغُوا عَنِّي وَلَو آيَةً)) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٣٤٦١) عَنِ ابْنِ عَمْرو مَرْفُوعًا، وَلَكِنَّ الكَلَامَ فِي الدُّعَاةِ الَّذِينَ جَعَلُوا الدَّعْوَةَ مَيدَانَهُم وَهَمَّهُم وَتَصَدَّرُوا لَهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>