للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْلَمُ مَا يَقُولُ، أَمَّا إِنْ كَانَ الغَضَبُ قَلِيلًا يَعِي مَعَهُ صَاحِبُهُ مَا يَقُولُ فَهَذَا يُؤَاخَذُ بِعَوَاقِبِهِ (١).

- مَنْ سَبَّ اللهَ تَعَالَى فإِنَّهُ تُقْبَلُ تَوبَتُهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا وَأَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالخَطَأ، وَوَصَفَ اللهَ تَعَالَى بِمَا يَسْتَحِقُّ مِنْ صِفَاتِ التَّعْظِيمِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزُّمَر: ٥٣].

أَمَّا مَنْ سَبَّ الرَّسُولَ فَلَهُ تَوبَةٌ أَيضًا وَلَكِنْ يَجِبُ قَتْلُهُ؛ بِخِلَافِ مَنْ سَبَّ اللهَ تَعَالَى؛ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ تَوبَتُهُ وَلَا يُقْتَلُ، وَهَذا لَيسَ لِأَنَّ حَقَّ اللهِ تَعَالَى دُونَ حَقِّ الرَّسولِ ! بَلْ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَخْبَرَنَا بِعَفْوِهِ عَنْ حَقِّهِ إِذَا تَابَ العَبْدُ إِلَيهِ؛ بِأَنَّهُ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، أَمَّا سَبُّ الرَّسُولِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِحَقِّهِ، وَلَكِنْ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ عَنْهُ أَنَّهُ عَفَا، لِذَلِكَ نُنْفِذُ مَا نَرَاهُ وَاجِبًا فِي حَقِّهِ، فَيُقْتَلُ السَّابُّ بَعْدَ تَوبَتِهِ عَلَى أَنَّهُ مُسْلِمٌ، فَإِذَا قُتِلَ؛ غَسَّلْنَاهُ وَكَفَّنَّاهُ وَصَلَّينَا عَلَيهِ وَدَفَنَّاهُ مَعَ المُسْلِمِينَ، وَكَذَا لَو قَذَفَهُ؛ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وَلَا


(١) وَفِي فَتَاوَى (نُورٌ عَلَى الدَّرْبِ)، شَرِيطُ رَقَم (٣٧٤) للشَّيخِ ابن عُثَيمِين : "تَقُولُ السَّائِلَةُ مِنَ الجَزَائِرِ: يَا شَيخُ، هَلْ سَبُّ الدِّينِ فِي حَالَةِ الغَضَبِ مِنَ الكُفْرِ؟ فَأَجَابَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: أَمَّا إِذَا كَانَ الغَضَبُ شَدِيدًا بِحَيثُ لَا يَمْلِكُ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ؛ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ مِنَ الدِّينِ لِأَنَّهُ لَا يَعِي مَا يَقُولُ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ يَمْلِكُ نَفْسَهُ فَسَبُّ الدِّينِ كُفْرٌ وَرِدَّةٌ؛ فَيَجِبُ عَلَيهِ أَنْ يَتُوبَ إِلَى اللهِ ﷿ وَأَنْ يُجَدِّدَ إِسْلَامَهُ".
قلت: وَمِثْلُ هَذَا -الأَوَّلُ- يُعَزَّرُ تَأْدِيبًا وَرَدْعًا لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ.
قَالَ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ -فِيمَنْ يَسُبُّ الدِّينَ عِنْدَ الغَضَبِ، ثُمَّ يَتَأَسَّفُ مِمَّا بَدَرَ-: "وَلَو كَانَ هُنَاكَ حُكْمٌ أَوْ حَاكِمٌ يَحْكُمُ بِالشَّرْعِ لَاقْتَرَحْنَا بِأَنْ يُعَزَّرَ بِأَنْ يُجْلَدَ عَشْرَ أَسْوَاطٍ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الرَّسُولِ المَعْرُوفُ". مَوسُوعَةُ الأَلْبَانِيِّ فِي العَقِيدَةِ (٥/ ٦٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>