للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ قَتَادَةَ؛ قَالَ: (شُرَكَاءَ فِي طَاعَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي عِبَادَتِهِ) (١).

وَلَهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَولِهِ: ﴿لَئِنْ آتَيتَنَا صَالِحًا﴾ قَالَ: أَشْفَقَا أَلَّا يَكُونَ إِنْسَانًا (٢)، وَذَكَرَ مَعْنَاهُ عَنِ الحَسَنِ (٣) وَسَعِيدٍ (٤) وَغَيرِهِمَا (٥).


=
عَلِمْنَا كَذِبَهُ بِمَا دَلَّ عَلَى خِلَافِهِ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَيضًا، وَمِنْهَا مَا هُوَ مَسْكُوتٌ عَنْهُ؛ فَهُوَ المَأْذُونُ فِي رِوَايَتِهِ بِقَولِهِ : ((حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ)) وَهُوَ الَّذِي لَا يُصَدَّقُ وَلَا يُكَذَّبُ لِقَولِهِ: ((فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ)). وَهَذَا الأَثَرُ هُوَ القِسْمُ الثَّانِي أَوِ الثَّالِثُ؟ فِيهِ نَظَرٌ. فَأَمَّا مَنْ حَدَّثَ بِهِ مِنْ صَحَابِيٍّ أَو تَابِعِيٍّ؛ فَإِنَّهُ يَرَاهُ مِنَ القِسْم الثَّالِثِ، وَأَمَّا نَحْنُ فَعَلَى مَذْهَبِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ فِي هَذَا؛ وَأَنَّهُ لَيسَ المُرَادُ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ آدَمَ وَحَوَّاءَ، وَإِنَّمَا المُرَادُ مِنْ ذَلِكَ المُشْرِكُونَ مِنْ ذُرِّيَّتهِ، وَلِهَذَا قَالَ الله: ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾، ثُمَّ قَالَ فَذَكَرَ آدَمَ وَحَوَّاءَ أَوَّلًا كَالتَّوطِئَةِ لِمَا بَعْدَهُمَا مِنَ الوَالِدَينِ وَهُوَ كَالِاسْتِطْرَادِ مِنْ ذِكْر الشَّخْص إِلَى الجِنْس، كَقَولِهِ: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ﴾ الآيَةَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ المَصَابِيحَ -وَهِيَ النُّجُومُ الَّتِي زُيِّنَتْ بِهَا السَّمَاءُ- لَيسَتْ هِيَ الَّتِي يُرْمَى بِهَا! وَإِنَّمَا هَذَا اسْتِطْرَادٌ مِنْ شَخْصِ المَصَابِيحِ إِلَى جِنْسِهَا، وَلِهَذَا نَظَائِرُ فِي القُرْآنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ".
قُلْتُ: وَأَيضًا هَذَا الأَثَرُ جَاءَ مِنْ طَريقٍ عَنِ الحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ (٣٠٧٧) وَقَالَ فِيهِ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ أَيضًا (٣/ ٥٢٦): "وَالغَرَضُ: أَنَّ هَذَا الحَدِيثَ مَعْلُولٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوجُهٍ" وَذَكَرَهَا فِي التَّفْسِيرِ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ أَيضًا الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ فِي الضَّعِيفَةِ (٣٤٢).
وَقَالَ الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ ابْنُ حَزْمٍ : "وَهَذَا الَّذِي نَسَبُوهُ إِلَى آدَمَ مِنْ أَنَّهُ سَمَّى ابْنَهُ عَبْدَ الحَارِثِ! خُرَافَةٌ مَوضُوعَةٌ مَكْذُوبَةٌ مِنْ تَأْلِيفِ مَنْ لَا دِينَ لَهُ وَلَا حَيَاءَ، لَمْ يَصِحَّ سَنَدُهَا قَطُّ، وَإِنَّمَا نَزَلَتْ فِي المُشْرِكِينَ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَحَتَّى لَو صَحَّ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي آدَمَ -وَهَذَا لَا يَصِحُّ أَصْلًا- لَمَا كَانَتْ فِيهِ لِلمُخَالِفِ حُجَّةٌ، لِأَنَّهُ كَأَنْ يَكُونَ الشِّرْكُ أَو الشُّرَكَاءُ المَذْكُورونَ فِي الآيَةِ حِينَئِذٍ عَلَى غَيرِ الشِّرْكِ الَّذِي هُوَ الكُفْرُ؛ لَكِنْ بِمَعْنَى أَنَّهُمَا جَعَلَا معَ تَوَكُّلِهِمَا شِرْكَةً مِنْ حِفْظِهِ". الفِصَلُ فِي المِلَلِ والأَهْوَاءِ والنِّحَلِ (٤/ ٤).
(١) تَفْسِيرُ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ (٨٦٥٩)، وَتَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ (١٣/ ٣١٢).
(٢) تَفْسِيرُ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ (٨٦٤٨).
(٣) تَفْسِيرُ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ (٨٦٥٠).
(٤) تَفْسِيرُ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ (٨٦٥١).
(٥) قُلْتُ: وَلَكِنْ قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي التَّفْسِيرِ (٣/ ٥٢٦): "قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ،
=

<<  <  ج: ص:  >  >>