للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- فِي حَدِيثِ إِرْسَالِ مُعَاذٍ إِلَى اليَمَنِ بَيَانُ صِحَّةِ العَمَلِ بِخَبَرِ الوَاحِدِ، لِأَنَّ الرَّسُولَ أَرْسَلَ مُعَاذًا وَحْدَهُ مُبَلِّغًا لِلإِسْلَامِ؛ بَلْ وَلِأَصْلِ الإِسْلَامِ وَهُوَ عَقِيدَةُ التَّوحِيدِ، ثُمَّ مَا يَأْتِي بَعْدَهَا مِنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُعْتَمَدُ خَبَرُ الوَاحِدِ فِي العَقَائِدِ، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَهُ التَّوَاتُرُ كَمَا تَقُولُهُ المُبْتَدِعَةُ (١).

- فِي شَرْحِ المَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ: "أَنَّ مِنْ دَلَائِلِ حُسْنِ التَّوحِيدِ كَونُهُ تَنْزِيهًا للهِ عَنِ المَسَبَّةِ" وَذَلِكَ بِكَونِ اتِّخَاذِ الشُّرَكَاءِ مَعَ اللهِ تَعَالَى هُوَ تَنَقُّصٌ للهِ تَعَالَى فِي رُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ.

- فِي شَرْحِ المَسْأَلَةِ العَاشِرَةِ: "أَنَّ الإِنْسَانَ قَدْ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُها؛ أَو يَعْرِفُهَا وَلَا يَعْمَلُ بِهَا": مُرَادُهُ بِقَولِهِ: "لَا يَعْرِفُها أَو يَعْرِفُها" شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَتُؤْخَذُ مِنْ قَولِهِ: ((فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيهِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ))، إِذْ لَو كَانُوا يَعْرِفُونَ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ" وَيَعْمَلُونَ بِهَا مَا احْتَاجُوا إِلَى الدَّعْوَةِ إِلَيهَا رُغْمَ أَنَّهُم أَهْلُ كِتَابٍ وَكَانَ عِنْدَهُم إِيَّاهَا فِيمَا جَاءَ عَنْ رُسُلِهِم.


=
وَأَصْلُ هَذَا مَأْخُوذٌ عَنِ المُشْرِكِينَ وَالصَّابِئَةِ، وَهُمْ يُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلًا وَمُوسَى كَلِيمًا؛ لِأَنَّ الخِلَّةَ هِيَ كَمَالُ المَحَبَّةِ المُسْتَغْرِقَةِ لِلمُحِبِّ، كَمَا قِيلَ: قَدْ تَخَلَّلْتَ مَسْلَكَ الرُّوحِ مِنِّي .. وَلِذَا سُمِّيَ الخَلِيلُ خَلِيلًا. وَلَكِنَّ مَحَبَّتَهُ وَخِلَّتَهُ كَمَا يَلِيقُ بِهِ تَعَالَى كَسَائِرِ صِفَاتِهِ".
(١) هُمْ مُبْتدِعَةٌ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُم أَصَّلُوا أَصْلًا فِي عَقِيدَتِهِم لَيسَ عَلَيهِ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ، بَلْ وَالعَجَبُ مِنْهُم كَيفَ أَنَّهُم يَشْتَرِطُونَ فِي عَقِيدَتِهِم أَنْ تَكُونَ مَبْنِيَّةً عَلَى القُرْآنِ وَالحَدِيثِ المُتَوَاتِرِ فَقَط؛ وَهُمْ فِي ذَلِكَ قَدْ أَصَّلُوا أَصْلَهُم هَذَا -الَّذِي جَعَلُوهُ قَاعِدَةَ التَّمْيِيزِ بَينَ مَا يُقْبَلُ وَمَا يُرَدُّ- بِمَا لَمْ يَأْتِ أَصْلًا لَا فِي الكِتَابِ، وَلَا فِي السُّنَّةِ المُتَوَاتِرَةِ أَوِ الآحَادِ، وَلَا حَتَّى فِي حَدِيثٍ ضَعِيفٍ!!
وَقَدْ عَقَدَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ الجَلِيلِ (الرِّسَالَةُ) (ص ٤٠١) بَابًا هُوَ "حُجِّيَّةُ تَثْبِيتِ خَبَرِ الوَاحِدِ" وَاحْتَجَّ فِيهِ بِحَدِيثِ مُعَاذٍ السَّابِقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>