للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أَنَّ النَّبِيَّ وَعَدَهُ بِالدُّعَاءِ -وَذَلِكَ فِي مَعْرِضِ إِجَابَةِ طَلَبِهِ-؛ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ المَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ التَّوَسُّلِ (١).

٣ - قَولُ الضَّرِيرِ فِي آخِرِ دُعَائِهِ: (اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ، وَشَفِّعْنِي فِيهِ) (٢) صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّوَسُّلَ كَانَ بِدُعَائِهِ ؛ إِذْ إِنَّ الشَّفَاعَةَ هيَ الدُّعَاءُ (٣)، وَعَلَيهِ فَلَا يَصِحُّ حَمْلُ الحَدِيثِ عَلَى التَّوَسُّلِ بِذَاتِهِ ، أَو جَاهِهِ، أَو حَقِّهِ.

٤ - أَنَّ مِمَّا عَلَّمَ النَّبِيُّ الأَعْمَى أَنْ يَقُولَهُ هُوَ: ((وَشَفِّعْنِي فِيهِ)) (٤) أَي: اقْبَلْ شَفَاعَتِي؛ أَي: دُعَائِي، فَلَو حُمِلَ التَّوَجُّهُ بِهِ عَلَى الذَّاتِ وَالجَاهِ لَمَا كَانَ لِقَولِ الضَّرِيرِ هَذَا مَعْنًى! وَأَمَّا لَو حُمِلَ عَلَى الدُّعَاءِ لَكَانَ المَعْنَى وَاضِحًا مُسْتَقِيمًا؛ أَنَّهُ يَدْعُو اللهَ تَعَالَى أَنْ تُقْبَلَ شَفَاعَتُهُ فِي أَنْ يُرَدَّ عَلَيهِ بَصَرُهُ.

٥ - أَنَّ هَذَا الحَدِيثَ ذَكَرَهُ العُلَمَاءُ فِي مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ وَدُعَائِهِ المُسْتَجَابِ، وَلَو كَانَ المُرَادُ مِنْهُ التَّوَسُّلَ بِالذَّاتِ لَمَا أَورَدَهُ عُلَمَاءُ الحَدِيثِ فِي هَذَا البَابِ (٥)! فَهَذَا


(١) وَفِيهِ أَيضًا أَنَّهُ وَجَّهَهُ إِلَى النَّوعِ الثَّانِي مِنَ التَّوَسُّلِ المَشْرُوعِ، وَهُوَ التَّوَسُّلُ بِالعَمَلِ الصَّالِحِ.
(٢) هَذِهِ الجُمْلَةُ هيَ عَنْدَ أَحْمَدَ أَيضًا (١٧٢٤١)، وَالحَاكِمِ (١١٨٠) وَغَيرِهِمَا.
وَفِي لَفْظٍ لِلحَاكِمِ (١٩٢٩): ((اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ، وَشَفِّعْنِي فِي نَفْسِي)). صَحِيحُ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ (٦٨١).
(٣) قَالَ فِي لِسَانِ العَرَبِ (٨/ ١٨٤): "وَالشَّفَاعَةُ: كَلَامُ الشَّفِيعِ لِلْمَلِكِ فِي حَاجَةٍ يَسْأَلُها لِغَيرِهِ، وَشَفَعَ إِلَيهِ: فِي مَعْنَى طَلَبَ إِلَيهِ، وَالشَّافِعُ: الطَّالِبُ لِغَيرِهِ يَتَشَفَّعُ بِهِ إِلَى المَطْلُوبِ".
(٤) هَذِهِ الجُمْلَةُ صَحَّتْ فِي الحَدِيثِ، أَخْرَجَهَا أَحْمَدُ (١٧٢٤١)، وَالحَاكِمُ (١١٨٠) وَصَحَّحَهُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ، وَهِيَ وَحْدَهَا حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ عَلَى أَنَّ حَمْلَ الحَدِيثِ عَلَى التَّوَسُّلِ بِالذَّاتِ بَاطِلٌ.
(٥) كَمَا فِي كِتَابِ دَلَائِلُ النُّبُوَّةِ للبَيهَقِيِّ (٦/ ٨٣): "بَابُ جِمَاعِ أَبْوَابِ دَعَوَاتِ نَبِيِّنَا المُسْتَجَابَةِ فِي الأَطْعِمَةِ وَالأَشْرِبَةِ، وَبَرَكَاتِهِ الَّتِي ظَهَرَتْ فِيمَا دَعَا فِيهِ، وَغَيرِ ذَلِكَ مِنْ دَعَوَاتِهِ عَلَى طَرِيقِ الاخْتِصَارِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>