للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَخَطِكَ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُعِيذَنِي مِنَ النَّارِ وتُدْخِلَنِي الجَنَّةَ)) (١). مُنْكَرٌ، فِيهِ الوَازِعُ بْنُ نَافِعٍ العُقَيلِيُّ؛ وَهوَ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ.

وَلَكِنْ مَعَ كَونِ هَذَينِ الحَدِيثَينِ ضَعِيفَينِ؛ فَهُمَا لَا يَدُلَّانِ عَلَى التَّوَسُّلِ بِالمَخْلُوقِينَ أَبَدًا! وَإِنَّمَا يَعُودَانِ إِلَى أَحَدِ أَنْوَاعِ التَّوَسُّلِ المَشْرُوعَةِ الَّذِي تَقَدَّمَ الكَلَامُ عَنْهُ، وَهُوَ التَّوَسُّلِ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ ﷿، لِأَنَّ فِيهِمَا التَّوَسُّلَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَى اللهِ، وَبِحَقِّ مَمْشَى المُصَلِّينَ، فَمَا هُوَ حَقُّ السَّائِلِينَ عَلَى اللهِ تَعَالَى؟ لَا شَكَّ أَنَّهُ إِجَابَةُ دُعَائِهِم، وَإِجَابَةُ اللهِ دُعَاءَ عِبَادِهِ هِيَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ ﷿، وَكَذَلِكَ حَقُّ مَمْشَى المُسْلِمِ إِلَى المَسْجِدِ هُوَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُ وَيُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، وَأَنْ يَجْعَلَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَسَنَةً وَيَمْحِي عَنْهُ سَيِّئَةً، وَمَغْفِرَةُ اللهِ تَعَالَى وَرَحْمَتُهُ وَإِدْخَالُهُ بَعْضَ خَلْقِهِ مِمَّنْ يُطِيعُهُ الجَنَّةَ؛ كُلُّ ذَلِكَ صِفَاتٌ لَهُ ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الحَدِيثَ الَّذِي يَحْتَجُّ بِهِ المُبْتَدِعُونَ يَنْقَلِبُ عَلَيهِم.

٣ - عَنْ أَبي أُمَامَةَ؛ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى دَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ: ((اللَّهُمَّ أَنْتَ أَحَقُّ مَنْ ذُكِرَ، وَأَحَقُّ مَنْ عُبَدَ، أَسْأَلُكَ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَكَ وَبِحَقِّ السَّائِلِينَ)) (٢).


(١) الحَدِيثُ أَخْرَجَهُ ابْنُ السُّنِّيِّ فِي عَمَلِ اليَومِ وَاللَّيلَةِ (١/ ٧٥) مِنْ طَريقِ الوَازِعِ بْنِ نَافِعٍ العُقَيلِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ بِلَالٍ.
وَهَذَا سَنَدٌ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَآفَتُهُ الوَازِعُ هَذَا؛ فَإِنَّهُ لَم يَكُنْ عِنْدَهُ وَازِعٌ يَمْنَعُهُ مِنَ الكَذِبِ! كَمَا فِي الضَّعِيفَةِ (٦٢٥٢)، وَفِيهَا: "وَلِذَلِكَ لَمَّا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الأَذْكارِ: حَدِيثٌ ضَعِيفٌ؛ أَحَدُ رُوَاتِهِ الوَازِعُ بْنُ نَافِعٍ العُقَيليُّ -وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ؛ وَأَنَّهُ مُنْكَرُ الحَدِيثِ- قَالَ الحَافِظُ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ: هَذَا حَدِيثٌ وَاهٍ جِدًّا، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي (الأَفْرَادِ) مِنْ هَذَا الوَجْهِ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ الوَازِعُ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ؛ وَأَنَّهُ مُنْكَرُ الحَدِيثِ".
(٢) الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ (٨/ ٢٦٤).
وَالحَدِيثُ بِتَمَامِهِ: عَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ إِذَا أَصْبَحَ وَأمْسَى دَعَا بِهَؤُلَاءِ
=

<<  <  ج: ص:  >  >>