للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النُّكْرِيُّ؛ حَدَّثَنَا أَبُو الجَوزَاءِ -أَوسُ بْنُ عَبْدِ اللهِ- قَالَ: قَحَطَ أَهْلُ المَدِينَةِ قَحْطًا شَدِيدًا، فَشَكَوا إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: انْظُرُوا قَبْرَ النَّبِيِّ فَاجْعَلُوا مِنْهُ كُوًّا إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى لَا يَكُونَ بَينَهُ وَبَينَ السَّمَاءِ سَقْفٌ، قَالَ: فَفَعَلُوا، فَمُطِرْنَا مَطَرًا حَتَّى نَبَتَ العُشْبُ وَسَمِنَتِ الإِبِلُ حَتَّى تَفَتَّقَتْ مِنَ الشَّحْمِ؛ فَسُمِّيَ عَامَ الفَتْقِ (١).

فَمَا الجَوَابُ عَنْهُ؟

الجَوَابُ من أَوجُهٍ:

١ - أَنَّ الحَدِيثَ ضَعِيفٌ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ مُطْلَقًا بِسَبَبِ أُمُورٍ:

أَوَّلِهَا: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ زَيدٍ فِيهِ ضَعْفٌ، قَالَ فِيهِ الحَافِظُ فِي كِتَابِهِ (التَّقرِيبُ): "صَدُوقٌ لَهُ أَوهَامٌ" (٢).

وَثَانِيهَا: أَنَّ أبَا النُّعْمَانِ هَذَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الفَضْلِ -يُعْرَفُ بِعَارِمٍ-، وَهوَ -وَإِنْ كَانَ ثِقَةً- فَقَد اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ (٣).

٢ - أَنَّهُ مَوقُوفٌ عَلَى عَائِشَةَ، وَلَيسَ بِمَرْفُوعٍ إِلَى النَّبِيِّ ، وَلَو صَحَّ؛ لَمْ تَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ، لِأَنَّه يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَبِيلِ الآرَاءِ الاجْتِهَادِيَّةِ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ مِمَّا يُخْطِئُونَ فِيهِ وَيُصِيبُونَ، وَلَسْنَا مُلْزَمِينَ بِالعَمَلِ بِهَا إِذَا لَمْ تُوَافِقِ السُّنَّةَ.

٣ - مِمَّا يُبَيّنُ كَذِبَ هَذهِ الرِّوَايَةِ أَنَّه فِي مُدَّةِ حَيَاةِ عَائِشَةَ لَمْ يَكُنْ لِلبَيتِ كُوَّةٌ! بَلْ كَانَ بَاقِيًا كَمَا كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -بَعْضُهُ مَسْقُوفٌ وَبَعْضُهُ مَكْشُوفٌ- وَكَانَتِ


(١) الدَّارِمِيُّ (٩٣).
(٢) التَّقرِيبُ (ص ٢٣٦).
(٣) قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِهِ (المَجْرُوحِينَ) (١/ ٣٤٥): "يَرْوِي المَوضُوعَاتِ عَنِ الأَثْبَاتِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>