للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَرْعِهِ، كَمَا جَازَ فِي شَرْعِهِ أَنْ يَسْجُدَ لَهُ أَبَوَاهُ وَإِخْوَتُهُ! وَكَمَا جَازَ فِي شَرْعِهِ أَنْ يُؤْخَذَ السَّارِقُ عَبْدًا! وَإِنْ كَانَ هَذَا مَنْسُوخًا فِي شَرْعِ مُحَمَّدٍ " (١).

قُلْتُ: وَهُوَ جَوَابٌ مُتَوَجِّهٌ لَولَا أَنَّ فِي شَرْعِنَا مَا دَلَّ عَلَى مِثْلِ مَا جَاءَ فِي شَرْعِ مَنْ قَبْلِنَا، وَمِنْهُ قَولُ النَّبِيِّ فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي ضَالَّةِ الإِبِلِ: ((دَعْهَا حتَّى يَلْقاهَا رَبُّهَا)) (٢)؛ فَوَجَبَ الحَمْلُ عَلَى الجَوَازِ مَعَ الكَرَاهَةِ، أَو جَاءَ النَّهْيُ لِتَحْقِيقِ كَمَالِ التَّوحِيدِ المُسْتَحَبِّ فِي الأَلْفَاظِ. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (٣) (٤).

- إِنَّ ذِكْرَ السَّقْيِ وَالإِطْعَامِ وَالوُضُوءِ هُوَ مِنْ بَابِ التَّمْثِيلِ لَا الحَصْرِ، وَالمَقْصُودُ النَّهْيُ عَنِ اسْتِعْمَالُ لَفْظِ الرَّبِّ، وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ هَذِهِ الأُمُورُ لِغَلَبَةِ اسْتِعْمَالِهَا فِي الخِطَابِ.

- فِي الحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّهُ يَنْبَغِي عَلَى مَنْ سَدَّ بَابًا مُحَرَّمًا أَنْ يَفْتَحَ لَهُم بَابًا مُبَاحًا.

- العُبُودِيَّةُ نَوعَانِ:

١ - عَامَّةٌ: كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ [مَرْيَم: ٩٣].


(١) مَجْمُوعُ الفَتَاوَى (١٥/ ١١٨).
(٢) البُخَارِيُّ (٩١)، وَمُسْلِمٌ (١٧٢٢) عَنْ زَيدِ بْنِ خَالِدٍ مَرْفُوعًا.
(٣) قَالَ المُصَنِّفُ فِي المَسَائِلِ: "التَّنْبِيهُ لِلْمُرَادِ؛ وَهُوَ تَحْقِيقُ التَّوحِيدِ حَتَّى فِي الأَلْفَاظِ".
(٤) قَالَ الحَافِظِ العِرَاقِيِّ : "هَذَا النَّهْيُ عَلَى التَّنْزِيهِ دُونَ التَّحْرِيمِ، وَقَدْ حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمِيعُ العُلَمَاءِ حَتَّى أَهْلُ الظَّاهِرِ، وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فَبَوَّبَ: بَابُ كَرَاهِيَةِ التَّطَاوُلِ عَلَى الرَّقِيقِ". طَرْحُ التَّثْرِيبِ (٦/ ٢٢٣).
قُلْتُ: وَأَيضًا حَمَلَ بَعْضُ أَهْلِ الِعِلْمِ النَّهْيَ عَلَى مَا كَانَ بِلَفْظِ الخِطَابِ، وَأَجَازَ مَا كَانَ بِلَفْظِ الغَيبَةِ، وَلَكِنْ مَا أَثْبَتْنَاهُ أَولَى مِنْ جِهَةِ الجَمْعِ. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>