للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُجُوبُ الإِعْطَاءِ لِمَنْ سَأَلَ بِهِ تَعَالَى -كَمَا تَقَدَّمَ- فَسُؤَالُ السَّائِلِ بِهِ؛ قَدْ يُعَرِّضُ المَسْؤُولَ لِلوُقُوعِ فِي المُخَالَفَةِ وَهِيَ عَدَمُ إِعْطَائِهِ إِيَّاهُ مَا سَأَلَ وَهُوَ حَرَامٌ، وَمَا أَدَّى إِلَى مُحَرَّمٍ فَهُوَ مُحَرَّمٌ؛ فَتَأَمَّلْ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُسْأَلَ بِوَجْهِ اللهِ أَو بِالقُرْآنِ شَيءٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، وَوُجُوبُ الإِعْطَاءِ إِنَّمَا هُوَ إِذَا كَانَ المَسْؤُولُ قَادِرًا عَلَى الإِعْطَاءِ وَلَا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ بِهِ أَو بِأَهْلِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَيهِ. وَاللهُ أَعْلَمُ" (١).

- قُلْتُ: يَشْهَدُ لِعُمُومِ المَنْعِ مِنَ سُؤَالِ المَخْلُوقِ بِوَجْهِ اللهِ حَدِيثُ: ((مَلْعُونٌ مَنْ سَأَلَ بِوَجْهِ اللهِ، وَمَلْعُونٌ مَنْ سُئِلَ بِوَجْهِ اللهِ ثُمَّ مَنَعَ سَائِلَهُ؛ مَا لَمْ يَسْأَلْ هُجْرًا)) -وَقَدْ سَبَقَ-.

وَيَشْهَدُ لِاسْتِثْنَاءِ سُؤَالِ الخَالِقِ بِوَجْهِهِ فِي أَمْرِ الدِّينِ -وَمَا يُؤَدِّي إِلَيهِ مِنَ أَمْرِ الدُّنْيَا- حَدِيثُ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ [الأَنْعَام: ٦٥] قَالَ رَسُولُ اللهِ : ((أَعُوذُ بِوَجْهِكَ) قَالَ: ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾ قَالَ: ((أَعُوذُ بِوَجْهِكَ) ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾ قَالَ رَسُولُ اللهِ : ((هَذَا أَهْوَنُ؛ أَو هَذَا أَيسَرُ)) (٢).

فَحَدِيثُ البَابِ صَحِيحُ المَعْنَى؛ إِلَّا أَنَّهُ يَزِيدُ قَيدًا وَهُوَ: أَنْ لَا يُسْأَلَ بِوَجْهِ اللهِ إِلَّا الجَنَّةَ، وَهَذَا الحَصْرُ يُوَافِقُ مَا سَبَقَ مِنْ لَفْظِ الحَدِيثِ: ((أَعُوذُ بِوَجْهِكَ)) فِي دَفْعِ العَذَابِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ فِيهِ طَلَبَ ضِدِّهِ وَهُوَ طَلَبُ النَّجَاةِ إِلَى الجَنَّةِ بِسَلَامٍ.


(١) الصَّحِيحَةُ (٢٥٥).
(٢) البُخَاريُّ (٤٦٢٨) عَنْ جَابِرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>