للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - أما في السفر فإنَّ الرباعيات الثلاث أبقين على عددهن الأول: ركعتين ركعتين، فهن المقصورات من أربع ركعات إلى ركعتين، أما المغرب فأُبقيت ثلاثًا, ولم تقصر؛ لأنَّها وتر النهار، فإذا سقط منها ركعة بطل كونها وترًا، وإن سقط منها ركعتان بقيت ركعة واحدة، ولا نظير له، وأما الصبح فهي ركعتان، ولو قصرت على واحدة بقيت ركعة واحدة، ولا نظير له، فالمغرب والصبح لا يقصران إجماعًا.

٥ - القصر رحمة من الله تعالى بعباده؛ فإنَّ المسافر يلحقه مشقةٌ وتعبٌ، ونصبٌ، فمن لطف الله تعالى بعبده أن خفَّف عنه شطر الصلاة، واكتفى منه بالشطر الثاني؛ لئلا تفوت عليه مصلحة العبادة، فينقطع عن ربه ومناجاته.

٦ - أنَّ الحديث يدل على أنَّ الركعتين هما فرض السفر، ما دام أنَّ صلاة السفر باقية، وأما الحضر فطرأ عليها الزيادة، فهذا يؤكِّد على المسافر ألا يصلي في السفر إلاَّ قصرًا؛ خشيةَ من بطلان صلاته بالزيادة ما دامت الزيادة ليست أصلية في الصلاة، ولعلَّ هذا من حجة الذين أوجبوا القصر في السفر، ومنهم الظاهرية والحنفية، ونقل عن الإِمام أحمد أنَّه توقف في صحة صلاة من صلَّى أربعًا، وبهذا يكون القصر مؤكَّد الاستحباب، وإذا تأكد استحبابه كُرِهَ تركه، ولكن الراجح أنَّها تسمى مقصورة؛ لتوافق قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء، الآية: ١٠١] وتوافق الأحاديث الواردة في الموضوع.

قال شيخ الإِسلام: الأصح أن الآية أفادت قصر الصلاة في العدد، والعمل جميعًا. قال شيخ الإِسلام: قصر الصلاة المكتوبة الرباعية إلى ركعتين: مشروع بالكتاب، والسنة، وجائز بإجماع أهل العلم، منقولٌ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتواتر، وأظهر الأقوال قول من يقول: إنَّ القصر سنة، وإنَّ الإتمام مكروه.

وقال ابن القيم: لم يثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنَّه أتمَّ الرباعية في السفر البتة.

<<  <  ج: ص:  >  >>